وقال المهدوي:«إما» هي «إن» التي للشرط زيدت عليها «ما» ليصحّ دخول «النّون» للتوكيد في الفعل، ولو سقطت «ما» لم تدخل النّون، و «ما» تؤكّدا أول الكلام، والنون نؤكد آخره، وتبعه ابن عطية.
وقال بعضهم: هذا الذي ذهبا إليه من أن النّون لازمة لفعل الشرط إذا وصلت «إن» ب «ما» هو مذهب المُبَرّد والزَّجَّاج، وليس في كلامهما ما يدلُّ على لزوم «النُّون» كما ترى، غاية ما فيه أنهما اشترطا في صحّة تأكيده بالنون زيادة «ما» على «إن» ، أما كون التوكيد لازماً، وغير لازم، فلم يتعرضا له، وقد جاء تأكيد الشرط بغير «إن» ؛ كقوله:[الكامل]
و «مني» متعلق ب «يأتين» وهي لابتداء الغاية مجازاً، ويجوز أن تكون في محل حال من «هدى» لأنه في الأصل صفة نكرة قدم عليها، وهو نظير ما تقدم في قوله:{مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ}[البقرة: ٣٧] . و «هدى» فاعل، والفاء مع ما بعدها من قوله:{فَمَن تَبِعَ هُدَايَ} جواب الشرط الأول، والفاء في قوله:{فَلَا خَوْفٌ} جواب الثَّاني. وقد وقع الشَّرْط الثاني وجوابه جواب الأول، ونقل عن «الكسائي» أن قوله: «فَلَا خَوْفٌ» جواب الشَّرطين معاً. قال: ابن عطية «بعد نقله عن» الكِسَائي «ذلك: هكذا حكي، وفيه نظر، ولا يتوجّه أن يخالف سيبويه هنا، وإنما الخِلَافُ في نحو قوله:
{فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ المقربين فَرَوْحٌ}[الواقعة: ٨٨، ٨٩] فيقول سيبويه: جواب أحد الشرطين محذوف، لدلالة قوله: «فروح» عليه.
ويقول الكوفيون:«فروح» جواب الشرطين، وأما في هذه الآية، فالمعنى يمنع أن يكون «فلا خوف» جواباً للشرطين.
وقيل: جواب الشرط الأوّل محذوف تقديره: «فإمّا يأتينكم منّي هُدىً فاتبعوه» وقوله: «فمن تبع» جملة مستقلة [وهو بعيد أيضاً] .
فصل في المراد بالهدى
اختلف في «الهُدَى» فقال «السّدي» : كتاب الله، وقال قوم: الهدى الرّسل، وهذا