مراعاةُ الضَّميرِ السَّابِقِ، وهو الأكثر، ومراعاة الاسم الظَّاهر فيقول: أنَا رجلٌ أفعل كذا مراعاة ل «أنا» ، وإن شئت أنا رجل يفعل كذا مراعاة لرجُلٍ، ومثله: أنْتَ رجلٌ يفعل وتفعلُ بالخطاب والغيبة.
وقرأ أبو عَمْرو:«أبْلِغُكُمْ» بالتَّخفيف، والباقون بالتَّشديدِ، وهذا الخلافُ جارٍ هنا في الموضعين، وفي الأحقاف والتَّضعيف والهمزة للتَّعْدِيَةِ كأنْزَلَ، ونَزَّلَ، وجمع «رسالة» باعتبار أنواعها من أمر ونهي، ووعظ، وزجر، وإنذار، وإعذار، وقد جاء الماضي على أفْعَل في قوله:{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ}[هود: ٥٧] فهذا شاهدٌ لقراءة أبِي عَمْرٍو، وجاء على فعَّل في قوله:{فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}[المائدة: ٦٧] فهذا شاهدٌ لقراءة الجماعة.
واعلم أنَّهُ ذكر ما هو المقصود من الرِّسالة، وهو أمران: أن يبلغ الرِّسالة، وتقدرير النَّصِيحَةِ، والفرقُ بينهما أنَّ تبليغ الرِّسالة معناه: أن يعرفهم أنْوَاعَ تَكَاليفِ اللَّه، وأوامره، ونواهيه، وأمَّا النَّصيحةُ فهو ترغيبهم في الطَّاعَةِ، وتحذيرهم عن المعاصي.
قوله:«وأنْصَحُ لَكُمْ» .
قال الفرَّاءُ: العربُ لا تَكَادُ تقُولُ: نصحتك، إنَّمَا يقولون: نصحتُ لك، ويجوز أيضاً: نَصَحْتُكَ.
وحقيقةُ النُّصْحِ الإرْشَادُ إلى المصلحةِ مع خلوص النية من شوائب المكروه، والمعنى: إنِّي أبَلِّغ لَكُمْ تَكَالِيفَ اللَّهِ، ثمَّ أرشدكم إلى الأصوب، والأصْلَحِ، وأدعوكم إلى ما دَعَانِي، وأحبِّبُ لكم ما أحبه لنفسي.
قوله:{وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لَا تَعْلَمُونَ} .
قيل: أعلم أنكُم إن عصيتم أمره عاقبكم بالطُّوفَانِ.