للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {فاذكروا آلآءَ الله} ، أي: نعمه، وهو جمع مفرده «إلْي» بكسر الهمزة وسُكُونِ اللَاّمِ؛ كحِملْل وأحْمَالِ، أو «ألْيٌ» بضمِّ الهمزة وسُكُونِ اللَاّمِ: كقُفْل، وأقْفَالٍ، أو «إلى» بكسر الهمزة، وفتح اللام؛ كضِلَع وأضلاع، وعِنَب وأعْنَاب، أو «ألَى» بفتحهملا كقَفَا وأقْفَاء؛ قال العْشضى: [المنسرح]

٢٥٠١ - أبْيَضُ لا يَرْهَبُ الهُزَالَ وَلَا ... يَقْطَعُ رِحْماً ولا يَخُونُ ألَى

يُنشد بكسر الهمزة، وهو المشهورُ، وبفتحها؛ ومثلها «الآنَاء» جمع «إِنْي» أو «أُنْي» أو «إِنّى» أو «أَنّى» .

وقال الأخفش: «إنْوٌ» .

والآناء الأوقات كقوله: {وَمِنْ آنَآءِ الليل} [طه: ١٣٠] ، وسيأتي.

ثم قال: «لعلَّكُم تُفْلِحُونَ» فلا بُدَّ هاهنا من إضمار؛ لأنَّ الصَّلأاح الذي هو الظَّفر بالثَّواب لا يحصل بمجرد التذكر، بل لا بدّ من العمل، والتقدير: فاذكروا آلاء اللَّهِ واعملوا عملاً يليق بذلك الإنعام لعلّكم تفلحون.

قوله: «لِنَعْبُدَ» متعلق بالمجيء الذي أنكروه عليه.

واعلم أنَّ هوداً - عليه السلام - لما دعاهم إلى التوحيد وترك عبادة الأصنام بالدَّلِيل القاطع، وهو أنَّهُ بيَّن أنَّ نعم الله عليهم كثيرة والأصنام لا نعمة لها؛ لأنَّهَا جمادات، والجمادُ لا قُدْرَةَ له على شَيْءٍ أصلاً - لم يكن للقوم جوابٌ عن هذه الحُجَّةِ إلا التمسك بالتَّقْليد فقالُوا: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ الله وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} فأنكروا عليه أمره لهم بالتَّوحيد، وترك التقليد للآباء، وطلبوا منه وقوع العذاب المشار إليه بقوله: «أفَلَا تَتَّقُونَ» وذلك أنَّهُم نسبوه إلى الكذب، وظنُّوا أنَّ الوعيد لا يتأخر، ثم قالوا: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} جوابه محذوف أو متقدِّم ب «ما» ، وذلك لأنَّ قوله: {اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} مشعر بالتَّهْديد والتّضخويف بالوعيد، فلهذا قالوا: {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ} .

قوله: {إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} جوابه محذوف أو مُتَقَدِّم، وهو فأت به.

واعلم أنَّ القوم كانُوا يتقدون كذبه لقولهم: {وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذبين} فلهذا قالوا: {فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} [الشعراء: ٣١] وإنَّما قالُوا كذلِكَ لظنهم أن الوعيد لا يجوز أن يتأخر، فعند ذلك قال هود - عليه السلام -: {قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ} ، أي: وجب عليكم.

فصل في تفسير هذه الآية

قال القَاضِي: تفسير هذه الآية على قولنا ظاهر؛ لأنَّ بعد كفرهم وتكذيبهم

<<  <  ج: ص:  >  >>