الثاني: لَعلَّه يثبت سائر المعجزات، إلَاّ أنَّ القَوْمَ التمسوا من صَالح هذه المعجزة نفسها على سبيل الاقْتِرَاح، فأظهرها الله تعالى لهم، فلهذا المعنى حسن هذا التخصيص.
قوله:«فَذَرُوهَا تَأْكُلْ» أي: العشب في أرض اللَّهِ، أي: ناقة الله، [فذروها تأكل في أرض ربَّها، فليست الأرض لكم ولا ما فيها منن النبات من إنباتكم.
وقيل: يجوز تعلقه بقوله: «فَذَرُوهَا» ، وعلى هذا فتكون المسألة من التَّنازع وإعمال الثَّاني، ولو أعمل الأوَّل لأضمر في الثَّاني فقال:{تَأْكُلْ في أَرْضِ الله} وانجزم «تأكلْ» جواباً للأمر وقد تقدَّم الخلافة في جازمه: هل هو نفس الجملة الطَّلَبِيَّةِ أو أداء مقدّرة؟ .
وقرأ أبو جعفر:«تَأكُلُ» برفع الفِعْلِ على أنَّهُ حال، وهو نظير:{فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي}[مريم: ٥، ٦] رفعاً وجزماً.
قوله:{وَلَا تَمَسُّوهَا بسواء} أي لا يمسوها بسوء الظاهر أن «الباء» للتعدية، أي: لا توقعوا عليها سوءاً ولا تلصقوه بها. ويجوز أن تكون للمصاحبة، أي: لا تمسُّوها حال مصاحبتكم للسُّوء.
قوله:«فَيَأخُذَكُمْ» نصب على جواب النَّهْي، أي: لا تجمعوا بين السمّ بالسّوء وبين أخذ العذاب إيَّاكم، وهم وإنْ لم يكن أخذ العذاب لهم من صنعهم إلا أنَّهم تعاطوا أسبابه.
قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ لعلي بن أبي طالب:«أشْقَى الأوَّلِيْنَ عَاقِرُ نَاقَةِ صالحٍ، وأشْقَى الآخَرِيْنَ قَاتِلُكََ»