المشهور المتواتر، ولا التفات إلى مَنْ أنكر بعضها ولا لمن أنكر على روايها. وضبط ذلك أنْ يقال: ثلاث مع الهَمْزِ وثلاث مع عدمه.
فأمّا الثَّلاثُ التي مع الهمزة فأولُها قراءة ابن كثير، وهشام عن ابن عامر: أرجِئْهو بهمزة ساكنة، وهاء متصلة بواو.
والثانية: قراءة أبي عَمْرو: أرْجِئْهُ كما تقدَّم إلا أنَّه لم يصلها بواو.
الثالثة: قراءة ابن ذكوان عن ابن عامر: أرْجِئْهِ بهمزة ساكنة وهاء مكسورة من غير صفة.
وأمّا الثَّلاثُ التي بلا همة فأوَّلهَا: قراءة الأخوين: «أرْجِهْ» بكسر الجيم وسكون الهاء وصلاً ووقفاً.
الثانية: قراءة الكسائيِّ، وورشٍ عن نافعٍ: «أرْجِهِي» بهاء متصلة بياء.
الثالثة: قراءة قالون بهاء مكسورة دون ياء.
فأمّا ضمُّ الهاء وكسرها فقد عُرف مما تقدَّم. وأمَّا الهمزُ وعدمه فلغتان مشهورتان يقال: أرْجَأته وأرْجَيْتُه أي: أخَّرته، وقد قرئ قوله تعالى: {تُرْجِي مَن تَشَآءُ} [الأحزاب: ٥١] بالهَمْزِ وعدمه، وهذا كقولم: تَوَضَّأتُ وتَوَضَّيْتُ، وهل هما مادتان أصليتان أم المبدل فرع الهمز؟ احتمالان.
وقد طعن قَوْمٌ على قراءة ابن ذكوان فقال الفارسي: «ضم الهاء مع الهمزة لا يجوز [غيره] ، ورواية ابن ذُكْوَان عن ابن عامر غلطٌ» .
وقال ابنُ مُجَاهدٍ: «وهذا لا يجوزُ؛ لأنَّ الهَاءَ لا تكسَرُ إلَاّ بعد كسرة أو ياء ساكنة» .
وقال الحُوفِيُّ: «ومن القرَّاء مَنْ يكسر مع الهَمْزِ وليس بجيِّد» .
وقال أبو البقاءِ: «ويُقْرأ بكسر الهاء مع الهمز وهو ضعيف؛ لأنَّ الهمزة حرف صحيحٌ ساكنٌ، فليس قبل الهاء ما يقتضي الكسر» .
وقد اعتذر النَّاس عن هذه القراءة على سبيل التنازل بوجهين:
أحدهما: أن الهَمْزَة ساكنةٌ والسَّاكن حاجزٌ غير حصين، وله شواهدٌ [مذكورة في موضعها] ، فكأنَّ الهاء وليست الجيم المكسورة فلذلك كُسِرت.