للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويُؤيِّدُ ذلك في سورة يوسف [الآية ٤٧]{تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً} ثم قال: {سَبْعٌ شِدَادٌ} [يوسف: ٤٨] فهذا في الجدب.

وقال: {ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذلك عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ الناس}

[يوسف: ٤٩] .

وقوله: «مِنَ الثَّمَرَاتِ» متعلِّق ب «نَقْصٍ» .

قال قتادةُ: أمَّا السنُونَ فلأهل البوادي، وأمَّا نقص الثَّمراتِ فلأهل الأمصار.

«لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُّونَ» يتَّعظون، وذلك لأنَّ الشدة ترقق القلوب، وترغب فيما عند اللَّهِ.

قال تعالى: {وَإِذَا مَسَّهُ الشر فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ} [فصلت: ٥١] .

فصل

قال القاضي: هذه الآية تدلُّ على أنَّهُ تعالى فعل ذلك لإرادة أن يذكَّرُوا وأنْ لا يقيموا على كفرهم، وأجاب الواحديُّ: «بأنَّهُ قد جاء لفظا الابتلاء، والاختبار في القرآن لا بمعنى أنَّه تعالى يمتحنهم، لأنَّ ذلك على اللَّهِ مُحَالٌ، بل إنَّ تعالى عاملهم معاملة تشبه الابتلاء، والامتحان، فكذا ههنا» .

ثم بيَّن أنَّهُم عند نزول تلك المحن عليهم يزيدون في الكُفْرِ، والمعصيةِ.

فقال: {فَإِذَا جَآءَتْهُمُ الحسنة قَالُواْ لَنَا هذه} .

قال ابْنُ عبَّاسٍ: يُريد بالحسنةِ: العُشْبَ، والخصب، والمواضي، والثَّمار وسعة الرزق، والعافية، أي: نحن أهلها ومستحقُّها على العادة فلم يشكروا ويقوموا لِلَّهِ بحق النِّعمة. {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أي: قَحْط وجدْب وبلاء ومرض: {يَطَّيَّرُواْ بموسى وَمَن مَّعَهُ} أي: يتشاءمُوا بموسى، ومن معه، ويقولُوا: إنَّمَا أصَابَنا هذا الشَّرُّ بِشُؤمِ مُوسَى وقومه.

قال سعيدُ بْنُ جبيرٍ ومحمَّدُ بنُ المُنْكَدرِ: كان مُلْكُ فرعون أربعمائة سنة، وعاش ستمائة وعشرين سنة لا يرى مكروهاً، ولو كان حصل لَهُ في تلك المُدَّة جوع يوم أو حمى ليلة أو وجع ساعة لَمَا ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ قط.

فصل

أتى في جانب الحَسَنَة ب «إذا» الَّتي للمحقق، وعُرِّفَتِ الحسنة، لسعة رَحْمَةِ اللَّهِ تعالى، ولأنَّها أمر محبوبٌ، كلُّ أحدٍ يتمانه، وأتى في جانب السيئة ب «إن» التي للمشكوك فيه، ونُكِّرتِ السيئة، لأنَّهُ أمرٌ كل أحدٍ يَحْذَره. وقد أوضح الزمخشري ذلك فقال: فإن قلت: كيف قيل فإذا جَاءَتْهُمْ الحسنةُ ب «إذا» وتعريفُ الحسنة و {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} ب «إن» وتنكير السيئة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>