مؤخَّرٌ لأجل اللَّبس بباب الفاعل، فكذا هنا؛ لأنَّ يَصْنَعُ يَصحُّ أن يتسلَّطَ على فِرْعَوْنَ فيرفعهُ فاعلاً فلا يُدَّعَى فيه التقديم، وقد سبقه إلى هذا مكيٌّ.
وقال: ويلزم من يجيز هذا أن يُجيزَ: يقومُ زيدٌ، على الابتداء والخبر، والتَّقديم والتَّأخير، ولمْ يُجزْهُ أحَدٌ.
وقد تقدَّمت هذه المسألةُ وما فيها، وأنَّهُ هل يجوز أن يكون من باب التَّنازع أم لا؟ وهذا الذي ذكراه وإن كان مُتَخَيَّلاً في بادئ الرأي، فإنه كل باب الابتداء، والخبر، ولكن الجَواب عن ذلك: أنَّ المانع في «قَامَ زيدٌ» هو اللَّبس، وهو مفقودٌ هَهُنَا.
الثاني: أنَّ اسمَ «كان» ضميرٌ عائدٌ على «مَا» الموصولة، ويَصْنَعُ مسندٌ ل «فِرْعَوْن» والجُملةُ خبر «كان» والعائدُ محذوف أيضاً، والتَّقديرُك ودمَّرْنَا الذي كان هو يصنعه فرعون.
الثالث: أن تكون «كان» زائدةً و «مَا» مصدرية والتقديرُ: ودمَّرْنَا ما يصنع فرعون. أي: صُنْعَهُ، ذكره أبُو البقاءِ.
قال شهابُ الدِّين: وينبغي أن يجيءَ هذا الوجهُ أيضاً، وإن كانت «مَا» موصولة اسمية، على أنَّ العائدَ محذوفٌ تقديرُهُ: ودَمَّرْنَا الذي يصنعه فرعون.
الرابع: أن «ما» مصدرية أيضاً و «كان» لَيْسَتْ زائدةً بن ناقصة، واسمُهَا ضميرُ الأمر والشَّأن، والجملةُ من قوله يَصْنعُ فرعَونُ خبرُ «كان» فهي مفسِّرة لضمير.
وقال أبُو البقاءِ هنا: وقيل: ليست «كان» زائدةً، ولكن «كان النَّاقِصَة لا يُفْصَل بها بين» ما «وبين صلتها، وقد تقدَّم ذلك في قوله: {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: ١٠] وعلى هذا القول تحتاج» كان «إلى اسم.
ويضعُف أن يكون اسمُها ضمير الشَّأنِ؛ لأَّ الجُلة التي بعدها صلةُ» ما «فلا تَصْلُح للتَّفسير، فلا يحصُل بها الإيضاحُ، وتمامُ الاسم، والمفسِّر يجبُ أن يكون مستقلاً، فتدعو الحَاجَةُ إلى أن يجعل» فرعون «اسم» كان «وفي:» يَصْنَعُ «ضمير يعود عليه.
قال شهابُ الدِّين بعد فرض كونها ناقصةً: يلزم أن تكون الجملة من قوله: يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ خبراً ل» كان «ويمتنع أن تكون صلةً ل» ما «.
وقوله: فتدعُوا الحاجةُ أي: ذلك الوجُه الذي بدأت به، واستضعفه، وهو الذي احتاج إليه في هذا المكان فراراً من جعل الاسم ضمير الشَّأن، لمَّا تخيَّلهُ مانعاً، والتَّدميرُ: الإهلاكُ.
قال الليث: الدَّمَارُ: الهَلاك التَّامن يقال: دَمَرَ القومُ يَدمُرُونَ دماراً: أي: هلكوا