عن ابي عمرو أيضاً، والباقون بالضمِّ، وهما لغتان في المضارع ك «يَعْرشُون» . وقد تقدَّم معنى «العكوف» واشتقاقه في البقرة.
قال قتادة: كان أولئك القومُ من لَخْم، وكانُوا نُزولاً بالرِّقَّةِ.
وقال ابنُ جريج: كانت تلك الأصْنَام تماثيل بقر، وذلك أول شأن قصة العِجْلِ.
قال الكلبيُّ: عبر بهم موسى البَحْرَ يومَ عاشوراء بعد مهلك فرعون وقومه، فصاموه شكراً للَّه عزَّ وجلَّ.
قوله:{قَالُواْ ياموسى اجعل لَّنَآ إلها} أي: مثالاُ نعبده. ولم يكن ذلك شكّاً من بني إسرائيل في وحدانية اللَّهِ، وإنَّمَا معناه: أجعل لنا شيئاً نعظمه، ونتقرب بتعظيمه إلى اللَّهِ، وظَنُّوا أنَّ ذلك لا يضر الدِّيانة، وكان ذلك لشدَّة جهلهم، لأنَّ العبادة غاية التَّعظيم، فلا تليق إلا بمن يصدر عنه غاية الإنعام، وهو خالقُ الجسمِ، والحياةِ والقدرةِ، والعقلِ، والأشياءِ المنتفع بها. وليس ذلك إلَاّ الله تعالى.
فصل
واعْلَمْ أنَّ هذا القولَ لم يصدر عن كلّهم، وإنَّما صدرَ من بعضهم؛ لأنَّه كان مع موسى السبعون المُختارون، وفيهم من يرتفعُ عن مثل هذا السُّؤالِ.
قوله كمَا لَهُمْ آلِهَةٌ الكافُ في محلِّ نصب صفة ب «إلهاً» ، أي: إلهاً مماثلاُ لإلههم.
وفي «ما» ثلاثةُ أوجه: أحدها: موصولةٌ حرفية، أي: تتأوَّلُ بمصدرِ، وعلى هذا فصلتُهَا محذوفة، وإذا حُذِفَتْ صلة «ما» المصدريَّة، فلا بدَّ من إبقاء معمولِ صلتها، كقولهم: لا أكلِّمكَ ما أنَّ حِرَاءَ مَكَانَهُ، أي: ما ثَبَتَ أنَّ حِرَاءَ مكانه، وكذا هنا تقديره: كما ثبت لهم آلهة، ف «آلهة» فاعل «ثبت» المقدر، أي: كما أنَّ «أنَّ» المفتوحةَ في المثالِ المتقدم فاعل «ثبت» المقدر.
وقال أبُو البقاءِ - هذا الوجه - ليس بجيد «والجملة بعدها صلةٌ لها، وحسَّن لك أنَّ الظرف مقدَّرٌ بالفعل» .
فصل
قال شهابُ الدِّينِ: كلامُهُ على ظاهِره ليس بجيِّد؛ لأنَّ «ما» المصدريةَ لا تُوصَلُ بالجملة الاسمية على المشهور، وعلى رأي مَنْ يُجَوِّز ذلك، فيشترط فيها غَالِباً أن تُفْهِم الوقت كقوله:[الكامل]