و [قد] تقدَّم الخلافُ في تشديد «يقتلون» وتخفيفها قبل هذه الآية، وتقدَّم في البقرةِ إعراب هذه الآية وتفسيرها.
فصل
والفائدةُ في ذكرها ههنا: أنَّهُ تعالى هو الذي أنعم عليكم بهذه النعمة العظيمة، فكيف يليقُ الاشتغالُ بعبادة غير اللَّهِ تعالى.
قوله: {وَوَاعَدْنَا موسى ثَلَاثِينَ} تقدَّم الخلافُ في «وَعَدْنَا» و «وَاعَدْنَا» وأنَّ الظَّرْفَ بعد مفعول ثاني على حذفِ مضافٍ، ولا يجوزُ أن يكون ظرفاً لِفسادِ المعنى في البقرة فكذا هنا، أي: وَعَدْنَاهُ تمامَ ثلاثين، أو إتيانها، أو مناجاتها.
قوله: {وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} في هذا الضمير قولان: أحدهما: أنَّهُ يعود على المُواعدةِ المفهومةِ من وَاعَدْنَا أي: وأتممنا مواعدته بعشر.
الثاني: أنَّهُ يعود على ثلاثين قاله الحوفي.
قال أبُو حيَّان: ولا يظهر؛ لأنَّ الثلاثين لم تكن ناقصةً فتتمَّ بعشر، وحُذِف تمييز عشر لدلالة الكلام عليه أي: وأتْمَمْنَاهَا بعَشْرٍ ليالٍ، وفي مصحف أبي وَتَمَّمْنَاهَا بالتَّضعيف، عَدَّاهُ بالتَّضْعِيفِ.
قوله: {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ} الفَرْقُ بين الميقاتِ، والوَقْتِ، أن الميقاتَ: ما قُدِّرَ فيه عملٌ من الأعمال، والوقت: وقت الشَّيءِ من غير تقدير عملٍ، أو تقريره.
وفي نصب «أرْبَعِينَ» أربعةُ أوجُهٍ:
أحدها: أنَّهُ حال.
قال الزَّمخشريُّ: «وأربَعِينَ» نصب على الحَالِ: أي تَمَّ بالغاً هذا العدد.
قال أبو حيان فعلى هذا لا يكون الحال «أربعين» ، بل الحالُ هذا المحذوف فينافي قوله.
قال شهابُ الدِّين: لا تنافي فيه، لأنَّ النُّحاةَ لم يزالوا ينسبون الحكم للمعمول الباقي بعد حذفِ عامله المنوب عنه، وله شواهد منها: زيد في الدَّارِ، أو عندك.
فيقولون: الجارُّ والظَّرْفُ خبر، والخبرُ في الحقيقة: إنَّمَا هو المحذوفُ المقدَّرُ العاملُ فيهما، وكذا يقولون: جاء زيدٌ بثيابه، ف «بثيابه» حال، والحال إنَّمَا هو العاملُ فيه إلى غير ذلك وقدَّرَهُ الفارسي ب «معدوداً.
قال: كقولك: تَمَّ القوم عشرين رجلاً، أي: معدودين هذا العدد وهو تقديرٌ حسنٌ.
الثاني: أنَّهُ ينتصبُ أرْبَعِينَ على المفعولِ به.
قال أبُو البقاءِ:» لأنَّ معناه بلغ، فهو كقولهم: بَلَغَتْ أرْضُكَ جريبين «أي: بتضمين» تَمَّ «معنى» بَلَغَ «.