للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: «وألْقَى الألوَاح» أي الَّتِي فيها التَّوْراةُ على الأرض من شدَّةِ الغضب.

قالت الرُّواةُ: كانتِ التَّوراةُ سبعة أٍباعٍ، فلمَّا ألْقَاهَا انكسرت، فرفع منها سِتَّةُ أسباعٍ، وبقي سبع واحد فرفع ما كان من أخرا الغيب وبقي ما فيه الموعظة والأحكام من الحلا والحرام.

ولقائل أن يقول: ليس في القرآن إلَاّ أنَّه ألقى الألْوَاحَ فأما أنه ألقاها بحيث تكسّرت، فليس في القُرآنِ وإنَّهُ جُرأة عَظِيمةٌ على كتاب الله تعالى، ومثله لا يليقُ بالأنبياء، ويرد هذا قوله تعالى بعد ذلك: {وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى الغضب أَخَذَ الألواح} [الأعراف: ١٥٤] فدلَّ ذلك على أنَّها لم تنكسر، ولا شيء منها، وأنَّ القائلينَ بأنَّ ستة أسباعها رفعت إلى السَّماءِ، ليس الأمر كذلك، وأنَّهُ أخذها بأعينها.

قوله: {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ} بذُؤابته ولحيتِهِ، لقوله: {لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي} [طه: ٩٤] .

قوله: «يَجُرُّهُ إلَيْهِ» فيه ثلاثةُ أوجْهٍ: أحدها: أنَّ الجُمْلَةَ حالٌ من ضمير مُوسَى المستتر في أخَذَا، أي: أخَذَهُ جَارّاً إليه.

الثاني: أنَّها حَالٌ من رَأس قاله أبُو البقاءِ، وفيه نظرٌ لعدم الرَّابط.

والثالث: أنَّها حالٌ من أخِيهِ.

قال أبُو البقاءِ: «وهو ضعيفٌ» يعني من حيث إنَّ الحَالَ من المُضافِ إليه يَقِلُّ مجيئُهَا، أو يمتنعُ عند بعضهم وقد تقدَّم أن بعضهم يُجَوّزهُ في صور، هذه منها وهو كونُ المضافِ جزءاً من المضافِ إليه.

فصل

الطَّاعنون في عصْمة الأنبياء يقولون: إنه أخذ برأسِ أخيه يجرُّه على سبيل الإهانةِ، والمُثْبِتُون لعصمة الأنبياء - عليهم الصَّلاة والسَّلام - قالوا: إنَّهُ جَرَّ أخَاهُ لِيَسْألَهُ ويستكشف مِنْهُ كيفية تلك الواقعة.

فإن قيل: فَلِمَ قَالَ: {ابن أُمَّ إِنَّ القوم استضعفوني وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي} ؟

فالجوابُ: أنَّ هارون - عليه السَّلامُ - خاف أن يتوَهّمَ جُهَّالُ بني إسرائيل أنَّ موسى غضبان عليه كما غضب على عبدة العِجل.

فقالك قد نيهتهم، ولم يكن معي من الجمع ما أمنعهم به عن هذا العمل؛ فلا تفعل ما تُشْمِت أعدائي، فهم أعداؤُك فإنَّ القومَ يحملون هذا الفعل الذي تفعله على الإهانة لا على الإكرام.

قوله: ابْنَ أمَّ قرأ الأخوان، وأبو بكر، وابن عامر هُنَا، وفي طه، بكسر الميم، والباقون بفتحها. فأمَّا الفَتْحِ ففيها مذهبان.

<<  <  ج: ص:  >  >>