وقيل: المنكرُ عبادة الأوثان، وقطع الأرحام.
السابعة: قوله: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطيبات} .
قيل: ما كانوا يُحَرِّمونه في الجاهليَّة: من البحيرة والسَّائبة والوصيلة والحامِ.
قال ابنُ الخطيب: وهذا بعيد لوجهين:
الأول: أنه على هذا التقدير تصير الآية ويحلُّ لهم المُحللات وهذا محضُ التكرير.
والثاني: أنَّ على هذا التقدير تخرج الآية عن الفائدة، لأنَّ لا ندري الأشياء التي أحلَّها اللَّهُ ما هي وكم هي؟ .
بل الواجب أن يكون المرادُ بالطَّيبات الأشياء المستطابة بحسب الطبع؛ لأن تناولها يفسد اللَّذة والأصل في المنافع الحل فدلَّت هذه الآية على أنَّ الأصل في كلِّ ما تستطيبه النفس ويستلذه الطبع الحِلُّ إلَاّ بدليل منفصل.
الصفة الثامنة - قوله {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبآئث} .
قال عطاءٌ عن ابن عباس: يريد الميتة والدَّم وما ذكر في سورة المائدة إلى قوله: {ذلكم فِسْقٌ} [المائدة: ٣] .
قال ابنُ الخطيب: وأقول ههنا: كل ما يستخبثه الطَّبع [وتستقذره النفس كان تناوله سبباً للألم، والأصل في المضار الحرمة، فكان مقتضاه أن كل ما يستخبثه الطبع] فالأصْلُ فيه الحُرمَةُ إلَاّ بدليلٍ منفصل، وعلى هذا يحرم بيع الكلب، قوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «الكلبُ خبيثٌ، وخَبيثُ ثَمنُهُ» ، فدخل في قوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبآئث} .
الصفة التاسعة: قوله {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} .
قرأ ابنُ عامر آصارهم بالجمع، على صفة «أفْعَال» فانقلبت الهمزةُ التي هي فاء الكلمة ألفاً لسبقها بمثلها، والباقُون بالإفرادِ. فمن جمع فباعتبار متعلِّقاته وأنواعه، وهي كثيرة، ومن أفْردَ؛ فلأنه اسمُ جنسٍ.
وقرأ بعضهم أَصْرَهُمْ بفتح الهمزةِ، وبعضهم أُصْرَهُمْ بضِّمها.
والإصْرُ: الثِّقلُ الذي يأصر صاحبه، أي يحبسه من الحرَاك لثقله، أي: إنَّ شريعة موسى كانت شديدةً، وقد تقدَّم تفسيرُ هذه المادة في قوله تعالى: {وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً} [البقرة: ٢٨٦] والأغلالُ جمع غُلٍّ، وهو هنا مثلٌ لِمَا كَلِّفُوهُ كقطع أثر البول، وقتل النَّفس في التَّوبةِ، وقطع الأعضاء الخاطئة، وتتبع العروق من اللَّحم وجعلها الله