ذكروا أن الأسباط في بني إسرائيل كالقبائل في العرب. وقالوا: الأسْبَاطُ جمع وهم الفرق، والأسباطُ في ولد إسحاق كالقبائل في ولد غسماعيل، ويكون على زعمه قوله تعالى: {وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إلى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ والأسباط} [البقرة: ١٣٦] معناه: والقبيلةُ، وقوله: «وهو نظير قوله: بين رماحي مالكٍ ونهشَلِ» ليس بنظيره، لأنَّ هذا من باب تثنية الجمع، وهو لا يجوزُ إلا في ضرورةٍ، وكأنَّهُ يشيرُ إلى أنه لوْ لمْ يُلْحَظُ في الجمع كونُه أُريد به نوعق من الرِّمَاحِ لم تَصِحَّ التثنية، كذلك هنا لُحِظَ في «الأسْبَاط» - وإن كان جمعاً - معنى القبيلة فمُيِّزَ به كَما يُمَيَّزُ بالفرد.
وقال الحُوفِيُّ: يجوز أن يكون على الحذفِ، والتقديرُ: اثنتي عشرة فرقةً أسبَاطاً ويكون «أسْبَاطاً» نعتاً ل «فرقة» ، ثم حذف الموصوفُ، وأقيمت الصِّفةُ مقامه و «أمَماً» نعتٌ لأسباط، وأنَّثَ العدد، وهو واقعٌ على الأسباطِ وهو مذكَّرٌ، وهو بمعنى فرقة أو أمة كما قال: [الوافر]
٢٥٩٨ - ثَلاثَةُ أنْفُسٍ ... ... ... ... ... ... ..... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .
يعني: رجلاً، وقال: [الطويل]
٢٥٩٩ - ... ... ... ... . عَشْرُ أبْطُنٍ..... ... ... ... ... ... ... ... ... . .
بالنَّظَرِ إلى القبيلةِ، ونظيرُ وصف التمييزِ المقرر بالجمعِ مراعاةً للمعنى قول الشَّاعر: [الكامل]
٢٦٠٠ - فِيهَا اثْنَتَانِ وأرْبَعُونَ حَلُوبَةً سُوداً كَخَافِيَةِ الغُرابِ الأسْحمِ
فوصف «حَلُوبَةً» وهي مفردة لفظاً ب «سُوداً» وهو جمع مراعاةً لمعناها، إذ المرادُ الجمع.
وقال الفراء: إنَّما قال: «اثْنَتَيْ عَشْرَةَ» والسِّبْطُ مذكر؛ لأنَّ ما بعده «أمم» فذهب التأنيث إلى الامم، ولو كان «اثني عشر» لتذكير السبط لكان جائزاً.
واحتج النحويون على هذا بقوله: [الطويل]
٢٦٠١ - وإنْ قريشاً هذه عَشْرُ أبْطُنٍ ... وأنْتَ بَرِيءٌ مِنْ قَبَائِلهَا العَشْرِ
ذهب بالبطْن إلى القبيلةِ، والفصيلة، لذلك أنَّثَ، والبطن ذَكَرٌ.
وقال الزَّجَّاج: المعنى: وقطَّعْنَاهُمْ اثنتي عشرةَ فرقةً أسْبَاطاً، من نعتِ فرة كأنَّهُ قال: جَعَلْنَاهُم أسباطاً وفرَّقناهم أسباطاً، وجوَّز أيضاً أن يكون «أسْبَاطاً» بدلا من اثْنَتَيْ عَشْرَةَ: وتبعه الفارسيُّ في ذلك.