وسادسها: قال في البقرة {نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} [البقرة: ٥٨] وههنا «خطِيئَاتِكُمْ» .
وسابعها: قال هنا: «وسَنزِيدُ المُحْسنينَ» بالواو وههنا حذفها.
وثامنهها: قال في البقرة «فأنزلْنَا» وههنا «فأرْسَلْنَا» .
وتاسعها: قال هناك: {بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} [البقرة: ٥٨] . وقال ههنا «يَظْلِمُونَ» .
وهذه ألفاظٌ لا مناقاةَ بينها ألبتة، ويمكن ذكر فوائِدهَا.
أما قوله ههنا: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ} إعلاماً للسَّامع بان هذا القائل هو ذاك، وأمَّا قوله هنا «ادْخُلُوا» ، وههنا «اسْكُنُوا» فالفرقُ أنَّهُ لا بدَّ من دخول القريَةِ أوَّلاً، ثم سكونها ثانياً.
وأمَّا قوله هنا «فَكُلُوا» بالفاءِ وههنا بالواوِ، فالفرق أنَّ الدُّخُولَ حالة مخصوصة، كما يوجد بعضها ينعدم، فإنَّهُ إنَّما يكون داخلاً في أوَّل دخوله.
وأمَّا بعد ذلك، فيكون سكنى لا دخولاً، وإذا كان كذلك فالدَّخُولُ حالة منقضية زائلة وليس لها استمرار، فحسن ذكر فاء التعقيب بعده، فلهذا قال {ادخلوا هذه القرية فَكُلُواْ} [البقرة: ٥٨] وأمَّا السُّكْنَى فحالة مستمرة باقية فيكون الأكل حاصلاً معها لا عقيبها فحل الفرق.
وأمَّا قوله هناك «رغَداً» ولم يذكره هنا؛ لأنَّ الأكْلَ عقيب دخول القرية يكون ألذ؛ لأنَّهُ وقت الحاجةِ الشديدةِ، فلذلك ذكر رَغَداً وأما الأكر حالة السُّكنى، فالظَّاهِرُ أنَّ الحاجة لا تكونُ شديدة.
وأمَّا قوله هناك: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ} وههنا على العكس، فالمرادُ التَّنبيهُ على أنَّهُ يحسن تقديم كل واحد منهما على الآخر، لأنَّ المقصُودَ منهما تعظيم اللَّهِ تعالى وإظهار الخُضُوعِ، وهذا لا يتفاوتُ الحال فيه بحسب التَّقديم والتَّأخير.
قال الزمخشريُّ: التَّقديمُ والتأخيرُ في وقُولُوا وادخُلُوا سواء قدَّمُوا «الحِطَّة» على دخول الباب، أو أخَّرُوَاها فهم جامعون في الإيجاد بينهما.
قال أبُو حيَّان: وقوله: سواءٌ قدَّمُوا أو أخَّرُوها تركيب غير عربي، وإصلاحه سواء أقدَّمُوا أمْ أخَّرُوا، كما قال تعالى: {سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا} [إبراهيم: ٢١] .
فصل قال شهابُ الدِّين: يعني كونه أتى بعد لفظ «سواء» ب «أوْ» دون «أمْ» ، ولم يأتي بهمزة التسوية بعد «سواء» وقد تقدَّم أنَّ ذلك جائز، وإن كان الكثيرُ ما ذكره وأنه قد قرىء
{سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} [البقرة: ٦] والرَّدُ بمثل هذا غير «طائل» .
وأما قوله في البقرة {خَطَايَاكُمْ} وههنا «خَطِيئَاتِكُم» فهو إشارة على أنَّ هذه الذنوب