الضمير في عليهم يقتضي رجوعه إلى الذين:{َتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ}{الأعراف: ١٦٦] ، لكنَّهم قد مسخوا، فلم يستمر عليهم التَّكليف؛ فلذلك اختلفوا:
فقيل: المراد نسلهم.
وقيل: المراد سائر اليهود، فإنَّ أهل القرية كانوا فرقتينن فالمتعدِّي مسخ، وألْحَقَ الذُّلَّ بالبقيَّةِ.
وقال الأكثرون: هُمُ اليهُودَ الذين كانُوا في زمن الرسول - صلى عليه الصَّلاة والسَّلامُ -؛ لأن المقصودَ من الية تخويفهم وزجرهم، وهذا العذابُ في الدُّنْيَا، لأنه نص على أنَّ ذلك العذاب ممدود إلى يوم القيامة ثمَّ اختلفوا فيه:
فقيل: هو أخذ الجزيةِ.
وقييل: الاستخفافُ والإهانةُ لقوله تعالى {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذلة أَيْنَ مَا ثقفوا} [آل عمران: ١١٢] وقيل: القتل والجلاء الذي وقع بأهل خيبر وبين قريظة والنضير.
فصل
دلَّت هذه الآية على أنَّ اليهود لا دولة لهم ولا عزَّ، ون الذُّلَّ والصغار لا يفارقهم، وقد ورد في الحديث: أن أتباع الدَّجَّالِ هم اليهود فإن صحَّ فمعناه، أنهم كانوا قبل خروجه يهوداً، ثم دانوا بإلهيته؛ فذكروا بالاسم الأول، ولوا ذلك لكانوا في وقت اتباعهم الدَّجَّال قد خرجوا عن الذلةِ والقهرِ، وهو خلاف الآيةِ.
ثم قال:{إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ العقاب} والمراد التَّحذيرُ من عذابه في الآخرة مع الذِّلةِ في الدُّنيا {وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} لمن تاب من الكُفْرِ، واليهوديَّةِ، وآمن باللَّهِ وبرسوله.