لأنَّه لَمْ يقعْ بين شيئين متلازمين ولا بين شيئين بينهما تعلُّقٌ معنويُّ، فكان ينبغي أن يقول: ويكون على هذا مستأنفاص.
وقرأ العامَّةُ «يُمَسِّكُونَ» بالتشديد مِنْ «مَسَّك» بمعنى «تَمَسَّكَ» حكاه أهلُ التصريف أي: إنَّ: «فَعَّلَ» بمعنى «تفَعَّل» ، وعلى هذا فالباءُ للآلة، كهي في «تَمَسَّكْتُ بالحبل» .
يقال: مَسَّكْتُ بالشَّيء، وتَمَسَّكْتُ، واسْتَمْسَكْتُ به، وامتسَكْتُ به.
وقرأ أبو بكر عن عاصم، ورويت عن أبي عمرو وأبي العالية «يُمْسِكُونَ» بسكون الميم وتخفيف السين من «أمْسَكَ» وهما لغتان يقال: مَسَكْتُ، وأمْسَكْتُ.
وقد جمع كعبُ بنُ زهير بينهما في قوله: [البسيط]
٢٦١٣ - ولا تُمَسِّكُ بالعهدِ الذي زَعَمَتْ ... إلَاّ كَمَا تُمْسِكُ الماءَ الغَرَابِيلُ
ولكن «أمْسَك» مُتعدٍّ.
قال تعالى: {وَيُمْسِكُ السمآء} [الحج: ٦٥] فعلى هذا مفعوله محذوف، تقديره: يُمسِكون دينهم وأعمالهم باكتاب، فالباء يجوزُ أن تكون للحال وأن تكون للآلة أي مصاحبين للكتابِ، أي: لأوامره ونواهيه.
وحجة عاصم قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: ٢٢٩] ، وقوله: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: ٣٧] ، وقوله: {فَكُلُواْ مِمَّآ أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: ٤] .
قال الواحديُّ: والتشديدُ أقوى؛ لأنَّ التشديد للكثرة، وههنا أريد به الكثرة؛ ولأنَّهُ يقال: أمسكته، وقَلَّمَا يقال: أمسكت به.
وقرأ عبد الله والأعمش: «اسْتَمْسَكُوا» ، وأبي: «تَمَسَّكُوا» على الماضي، وهو جيّد لقوله تعالى: {وَأَقَامُواْ الصلاة} إذ قل ما يعطف على مستقبل إلَاّ في المعنى.
فصل
أراد والذين يعملون بما في الكتاب.
قال مجاهدٌ: هم المؤمنون من أهل الكتاب ك: عبد الله بن سلام وأصحابه تمسَّكوا بالكتاب الذي جاء به موسى، فلم يحرفوه ولم يكتموه ولم يتخذوه مكلةً.
وقال عطاء: أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.