فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: آمن شعره وكفر قلبه»
وأنزل اللَّه فيه هذه الآية.
وروي عن ابن عباس نزلت في البسوس رجل من بني إسرائيل، وكان قد أعطي ثلاث دعوات مستجابات، وكانت له امرأة له منها ولد، فقالت: اجعل لي منها دعوة واحدة، فقال لها: لَكِ منها واحدةٌ، فما تريدين؟ قالت: ادْعُ اللَّهَ أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل فدعا لها؛ فجلعت أجمل امرأة في بني إسرائيل؛ فلمَّا علمت أنه ليس فيهم مثلها رغبت عنه فغضب الزَّوْجُ فدعا عليها فصارت كلبة نباحة [فذهبت فيها دعوتان، فجاء بنوها وقالوا: ليس لنا على هذا إقرار قد صارت أمنا كلبة نباحة] ، فصار النَّاس يعيروننا بها، فادع الله أن يردَّهَا إلى حالها الأول، فدعا الله فعادت كما كانت فذهبت فيها الدَّعوات كلها.
وقيل: نزلت في أبي عامر الرَّاهبِ الذي سمَّاه النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالفاسق كان يتزهد في الجاهليَّة فلما جاء الإسلام خرج إلى الشام، وأمر المنافقين باتَّخاذهم مسجد الضِّرار وأتى قيصر واستنجده على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فمات هناك طريداً وحيداً.
وقال الحسنُ، وابن كيسان، والأصم نزلت في منافقي أهل الكتاب، كانوا يعرفون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كما يعرفون أبناءهم.
وقال عكرمةُ، وقادة، وأبو مسلم: هذا عام فيمن عرض عليه الحق فأعرض عنه.
وقوله:«فانسَلَخَ مِنْهَا» .
قال ابن عباس:«آتيْنَاهُ آياتِنَا» أوتي كتاباً من كُتبِ اللَّهِ «فانسَلَخَ مِنْهَا» أي: خرج منها كما تنسلخ الحية من جلدها.
قوله:{فَأَتْبَعَهُ الشيطان} الجمهور على أتبعَهُ رباعياً، وفيه وجهان: أحدهما: أنه متعدٍّ لواحد بمعنى أدركه ولحقه، وهو بمالغةٌ في حقه حيث جُعل إماماً للشياطين. ويحتمل أن يكون متعدِّياً لاثنين؛ لأنَّهُ منقولٌ بالهمزة من «تَبع» ، والمفعولُ الثَّاني محذوفٌ تقديره: أتبعه الشيطان خطواتِهِ، أي: جعله تابعاً لها، ومِنْ تعدِّيه لاثنين قوله تعالى:{واتبعتهم ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ}[الطور: ٢١] .
وقرأ الحسنُ وطلحةُ بخلاف عنه: فاتَّبَعَهُ بتشديد التاء، فهل «تبعه» واتبعَهُ بمعنى أو بينهم فرق؟