قال الواحديُّ فهؤلاء فَسَّرُوا «الأرض» في هذه الآية بالدنيا؛ وذلك لأنَّ الدنيا هي الأرض؛ لأن ما فيها من القفار والضياع كلها أرض، وسائر أمتعتها من المعادن والنبات والحيوان يستخرج من الأرض وإنَّما يقوى ويكمل بها، فالدنيا كلُّها هي الأرض فصلح أن يعبر عن الدُّنْيا بالأرض.
وقوله:«وَاتَّبَعَ هَوَاهُ» أي: أعرض عن التَّمسك بما آتاه اللَّهُ من الآيات واتَّبع الهَوَى، فلام جرم وقع في هاوية الرَّدَى، وهذه أشد آية على العلماء؛ لأنه تعالى بعد أن خصَّ هذا الرَّجل بآياته وبيناته وعلمه الاسم الأعظم، وخصه بالدَّعوات المستجابة، لما اتبع الهوى انسلخ من الدين وصار في درجة الكلب، وذلك يدلُّ على أن من كانت نعم الله عليه أكثر، فإذا أعرض عن متابعة الهدى، واتَّبع الهوى، كان بعدهُ عن الله أعظمَ، وإليه الإشارة بقوله عليه الصَّلاة والسَّلام «من ازدادَ من اللَّهِ عِلْماً ولمْ يزددْ هُدىً لم يَزْددْ مِنَ اللَّهِ إلَاّ بُعْداً»
وقال عليه الصَّلاة والسَّلام «مَا ذِئبَانِ جَائِعَانِ أرْسِلَا فِي غنمٍ فأفسَد لَهَا مِنْ حرصِ المرءِ على المالِ والسَّرفِ لدينهِ»
قوله:{فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكلب إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث} ، الجملة الشَّرطيَّةُ في محلِّ نصبٍ على الحال، أي: لاهثاً في الحالتين.
قال بعضهم: وأمَّا الجملةُ الشَّرطيَّةُ فلا تكادُ تقع بتمامها موضع الحال.
فلا يقال: جاء زيدٌ إن يسأل يُعْط. على الحالِ، بل لو أريد ذلك لجُعِلت الجملة فلا يقال: جاء زيدٌ إن يسأل يُعط فتكون الجملة الاسمية هي الحال.
نعم قد أوقعو الشَّرطيَّة موقع الجحال، ولكن بعد أن أخروجُها عن حقيقة الشرط.