وقيل: المراد بالجِنَّة: الجِنُّ , كقوله {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}[الناس: ٦] ولا بدَّ حينئذٍ من حذف مضافٍ. أي: مَسِّ جنة , أو تخبيط جنَّة. والثاني: أنَّ " ما " نافية , أي: ليس بصاحبهم جنون , ولا مسُّ جِنّ. وفي هاتين الجملتين أعني الاستفهامية أو المنفية , فيهما وجهان: أظهرهما: أنَّهما في محلِّ نصب بعد إسقاط الخافض؛ لأنَّهُمَا علَّقا " التَّفكُّر "؛ لأنَّهُ من أفعال القلوب. والثاني: أنَّ الكلام تمَّ عند قوله: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ} , ثمَّ ابتدأ كلاماً آخر , إمَّا استفهام إنكار , وإمَّا نفياً. وقال الحوفيُّ إنَّ " مَا بِصَاحبِهِم " معلقةٌ لفعلٍ محذوف , دلَّ عليه الكلامُ , والتقديرُ: أو لم يتفكروا فيعلمُوا ما بصاحبهم. قال: و" تفكَّر " لا يعلَّقُ؛ لأنَّهُ لم يدخل على جملة. وهذا ضعيفٌ؛ لأنَّهم نَصُّوا على أن فعل القَلْبِ المتعدِّي بحرف جرٍّ أو إلى واحد إذا عُلِّقَ هل يبقى على حاله أو يُضَمَّن ما يتعدَّى لاثنينِ؟ الثالث: أن تكون " ما " موصولة بمعنى " الذي " , تقديره: أو لم يتفكَّرُوا في الذي بصاحبهم وعلى هذا يكون الكلام خرج على زعمهم , وعلى قولنا: إنَّهَا نافيةٌ يكونُ " مِن جِنَّةٍ " مبتدأ , ومِنْ مزيدةٌ فيه , وبِصَاحِبِهم خبره , أي: مَا جِنَّةٌ بِصَاحِبِهم.