للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يجوزُ أن يكون بمعنى للَّه، أي لأجله فأعاد الضمير على الله وفيه بعدٌ، وجوَّز أيضاً أن تكون اللام زائدةً: أي فاستمعُوهُ، وقد تقدَّم أنَّ هذا لا يجوزُ عند الجمهور إلا في موضعين إمَّا تقديم المعمولِ، أو كون العامل فرعاً، وجوَّز أيضاً أن تكون بمعنى إلى، ولا حاجة إليه.

قوله «وأنصتُوا» الإنصاتُ: السُّكوت للاستماعِ. قال الكميتُ: [الطويل]

٢٦٦٦ - أبُوكَ الذي أجْدَى عَلَيَّ بِنصْرِهِ ... فأنْصَتَ عَنِّي بعده كُلَّ قَائِلِ

قال الفراء: ويقال: نصت ونصت بمعنى واحدٍ، وقد جاء أنْصَت متعديّاً.

فصل

فقوله: {فاستمعوا لَهُ وَأَنصِتُواْ} أمرٌ، وظاهر الأمر للوجوب، فيقتضي أن يكون الاستماعُ والسكوتُ واجباً ولعله يجوز أن تكون بحسب المخاطبين، وأن تكون للتعليل وفيه أقوال.

أحدها: قال الحسنُ وأهلُ الظاهر: يجب الاستماعُ والإنصات لكل قارئ، سواء كان معلم صبيان أو قارئ طريق.

الثاني: تحريم الكلام في الصَّلاة.

قال أبو هريرة: كانوا يتكلَّمون في الصَّلاة فنزلت هذه الآية، فأمروا بالإنصات.

وقال قتادةُ: كان الرَّجُلُ يأتي وهُم في الصَّلاةِ، فيسألهم: كم صلَّيتم وكم بقي؟ وكانُوا يتكلَّمون في الصَّلاةِ بحوائجهم فأنزل اللَّهُ هذه الآية.

الثالث: نزلت في ترك الجَهْر بالقراءة وراء الإمام.

قال ابنُ عبَّاسٍ: قرأ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في الصَّلاة المكتوبةِ، وقرأ أصحابه وراءهُ رافعينَ أصواتهم؛ فخلطوا عليهم فنزلت هذه الآية، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه.

وقال الكلبيُّ: كانوا يرفعون أصواتهم في الصلاة حين يسمعون ذكر الجنة والنار، وعن ابن مسعود أنَّهُ سمع ناساً يقرءون مع الإمام فلمَّا انصرف، قال: أما آن لكم أن تفقهوا {وَإِذَا قُرِىءَ القرآن فاستمعوا لَهُ وَأَنصِتُواْ} وهو قول الحسن والزهري والنخعي وقال سعيد بن جبير، وعطاء، ومجاهد: إنَّ الآية في الخطبة، أمروا بالإنصات لخطبة الإمام

<<  <  ج: ص:  >  >>