وقال آخرون لم يُقاتلُوا وإنَّما كانوا يكثرون السَّواد ويثبتون المؤمنين، وإلَاّ فملك واحد كافٍ في إهلاك أهل الدنيا كلهم فإنَّ جبريل - عليه السلام - أهلكَ بريشةٍ من جناحه مدائن قوم لوطٍ، وأهلك بلاد ثمود، وقوم صالح بصحية واحدة.
وقد تقدَّم الكلامُ في كيفية هذا الإمداد في سورة آل عمران، ويدلُّ على أنَّ الملائكة لم يقاتلوا قوله {وَمَا جَعَلَهُ الله إِلَاّ بشرى} إذا جعلنا الضمير عائداً على الإرداف.
قال الزَّجَّاجُ:» وما جعل الله المردفينَ إلا بشرى «وهذا أولى؛ لأنَّ الإمدادَ بالملائكة حصل بالبشرى.
{وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النصر إِلَاّ مِنْ عِندِ الله} والمقصود التَّنبيه على أنَّ الملائكةَ وإن كانُوا قد نزلوا في موافقة المؤمنين، إلَاّ أنَّ الواجب على المؤمنِ أنْ لا يعتمد على ذلك، بل يجبُ أن يكون اعتماده على اللَّهِ ونصره وكفايته؛ لأنَّ الله هو العزيزُ الغالب الحكيم فيما ينزل من النُّصْرَةِ فيضعها في موضعها.