للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الجماعةُ، فإذا كان هذا المنهزم منفرداً، وفي الكفار كثرة، وغلب على ظنه أنه إن ثبت قتل من غير فائدة، وإن انضمَّ إلى جمع من المسلمين ليستعين بهم ويعودون إلى القتال، فربَّمَا وجب عليه التَّحيُّز إلى هذه الفئة فضلاً عن أن يكون جائزاً.

والحاصل أن الانهزام من العدو حرام، إلَاّ في هايتن الحالتين، وهذا ليس بانهزام في الحقيقة ثمَّ قال تعالى: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} إلَاّ في هاتين الحالتين {فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ الله وَمَأْوَاهُ} في الآخرة {جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المصير} [الأنفال: ١٦] .

فصل

قال أبو سعيد الخدري: هذا في أصحاب بدر خاصة؛ لأن ما كان يجوز لهم الانهزام، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان معهم، ولم يكن فئة يتحيّزون إليها دون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقد وعده الله بانّصر والظّفر فلم يكن لهم التحيّز إلى فئةٍ أخرى.

وأيضاً فإنَّ اللَّه شدد الأمر على أهل بدرٍ؛ لأنه كان أول جهاد، ولو اتفق للمسلمين انهزام فيه، لزم منه الخلل العظيم.

فلهذا وجب التشديدُ والمبالغة، ومنع اللَّهُ في ذلك اليوم من أخذ الفداء من الأسرى لهذا السَّبب، وهذا قول الحسنِ وقتادة والضحاك.

قال يزيدُ بن أبي حبيب: أوجب اللَّهُ النار لِمَنْ فَرَّ يوم بدر، فلمَّا كان يوم أحد قال: {وَلَقَدْ عَفَا الله عَنْهُمْ} [آل عمران: ١٥٥] . ثم كان يوم حنين بعده فقال: {ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} [التوبة: ٢٥] ثم قال بعده {ثُمَّ يَتُوبُ الله مِن بَعْدِ ذلك على مَن يَشَآءُ} [التوبة: ٢٧] .

وقال عبدُ الله بنُ عُمَرَ: «كُنَّا في جيش بعثنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فحاص النَّاسُ حَيْصَةً،

<<  <  ج: ص:  >  >>