قال النُّحاة: كلمة «لو» وضعت للدلالة على انتفاء الشيء لانتفاء غيره.
فإذا قلت: لو جئتني لأكرمتك، أفاد أنَّه ما حصل المجيءُ، وما حصل الإكرامُ، ومن الفقهاء مَنْ قال: إنَّه يفيد الاستلزام، فأمَّا الانتفاء لأجل انتفاء الغير، فلا يفيده هذا اللَّفْظُ، ويدل عليه الآية والخبر.
أمَّا الآية فهذه وتقريره: أنَّ كلمة «لَوْ» لو أفادت ما ذكروه لكان قوله: {وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ} يقتضي أنَّهُ تعالى ما علم خيراً وما أسمعهم، ثمَّ قال {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ} فيكون معناه: أنه ما أسمعهم، وأنهم ما تولَّوا لكن عدم التولي خير من الخيرات، فأوَّل الكلام يقتضي نفي الخير، وآخره يقتضي حصول الخير، وذلك متناقض.
فثبت القولُ: بأنَّهُ لو كانت كلمة: «لَوْ» تفيد انتفاء الشَّيء لانتفاء غيره لوجب هذا التناقص؛ فوجب أن لا يُصار إليه.
وأمَّا الخبر فقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:«نِعْم الرَّجُلُ صُهَيْبٌ لو لمْ يَخَفِ اللَّه لَمْ يَعْصِهِ» فلو كانت لفظه «لَوْ» تفيدُ ما ذكروه لصار المعنى أنَّهُ خاف الله وعصاه، وذلك متناقض.