خص الصلاة بالذكر من بين سائر العِبَادات تنويهاً بذكرها.
وكان عليه الصلاة والسَّلام «إذا حَزَبَهُ أمر فَزَعَ إلى الصَّلاة» .
ومنه ما روي عن عبد الله بن عَبَّاسِ أنه نُعي إليه أخوه قثم وقيل بنت له وهو سَفَرٍ فاسْتَرجع وقال: عَوْرَةٌ سَتَرَها الله، ومُؤْنَةٌ كَفَاها الله، واجْرٌ ساقه الله، ثم تَنَحَّى عن الطريق وصَلَّى، ثم انصرف إلى راحلته وهو يقرأ:{واستعينوا بالصبر والصلاة} .
فالصلاة على هذا التأويل هي الشرعية.
وقال قومك هي الدعاء على عرفها في اللُّغة، فتكون الآية على هذا التأويل مشبهة لقوله تعالى:{إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فاثبتوا واذكروا الله}[الأنفال: ٤٥] ؛ لأن الثبات هو الصبر، والذكر هو الدعاء.
وقال مجاهد: الصبر في هذه الآية الصَّوم، ومنه قيل لرمضان: شهر الصَّبْرِ، فجاء الصَّوم والصَّلاة على هذا القول في الآية متناسباً في أن الصِّيَام يمنع من الشَّهَوَات، ويزهد في الدنيا، والصَّلاة تنهى عن الفَحْشَاء والمُنْكَرِ، وتخشع، ويقرأ فيها القرآن الذي يذكر الآخرة.
وإنما قد الصَّبر على الصلاة؛ لأن تأثير الصَّبر في إزالة ما لا ينبغي، وتأثير الصَّلاة في حصول ما ينبغي.
وقد وصف الله تعالى نفسه بالصَّبْرِ كما في حديث أبو موسى عن النبي صلى الله عليه سلم قال:«ليس أَحَدٌ أو ليس شيء أَصْبَرَ على أَذَى سمعه من الله تعالى إنهم ليدعون له ولداّ وإنه ليُعَافِيهمْ ويَرْزُقُهُمْ» أخرجه البُخَاري.
قال العلماء: وَصْفُ الله تعالى بالبصبر إنما هو بمعنى الحِلْمِ، ومعنى وصفه تعالى بالحِلْمِ هو تأخير العقوبة عن مستحقِّيها، ووصْفُهُ تعالى بالصَّبْرِ لم يرد في التنزيل، وإنما ودر في حديث أبي موسى وتأوله أهل السُّنة على الحِلْمِ، قاله «ابن فورك» وغيره.