قوله «مِنْ شيءٍ» في محلِّ نصبٍ على الحال من عائد الموصول المقدَّر، والمعنى: ما غنمتموه كائناً من شيء، أي: قليلاً أو كثيراً. وحكى ابن عطية عن الجعفي عن أبي بكر عن عاصم. وحكى غيره عن الجعفيِّ عن هارون عن أبي عمرو:«فإنَّ لِلَّهِ» بكسر الهمزةِ، ويُؤيدُ هذه القراءة قراءة النخعي «فللَّه خُمُسهُ» فإنها استئناف، وخرجها أبُو البقاءِ على أنَّها وما في حيَّزها في محلِّ رفع، خبراً ل «أنَّ» الأولى.
وقرأ الحسنُ وعبدُ الوارث عن أبي عمرو:«خُمْسَهُ» بسكون الميم، وهو تخفيفٌ حسن.
وقرأ الجعفيُّ «خِمْسه» بكسر الخاء. قالوا: وتخريجها على أنَّهُ أتبعَ الخاءَ لحركة ما قبلها، وهي هاء الجلالة من كلمة أخرى مستقلة، قالوا: وهي كقراءة من قرأ {والسمآء ذَاتِ الحبك}[الذاريات: ٧] بكسر الحاء إتباعاً لكسرة التاء من «ذاتِ» ولمْ يعتدُّوا بالساكن، وهو لامُ التعريف، لأنه حاجزٌ غير حصين.
قال شهاب الدين «ليت شعري، وكيف يقرأ الجعفيُّ والحالةُ هذه؟ فإنه إن قرأ كذلك مع ضم الميم فيكون في غاية الثقل، لخروجه من كسرٍ إلى ضمٍّ، وإن قرأ بسكونها وهو الظَّاهرُ فإنه نقلها قراءةً عن أبي عمرو، أو عن عاصم، ولكن الذي قرأ:» ذاتِ الحِبُكِ «يبقى ضمَّه الباء، فيؤدي إلى» فِعُل «بكسر الفاء وضمِّ العين، وهو بناءٌ مرفوض» .
وإنما قلت: إنه يقرأ كذلك؛ لأنه لو قرأ بكسر التاء لما احتاجوا إلى تأويل قراءته على الإتباع؛ لأن في «الحُبُك» لغتين: ضمُّ الحاءِ والباءِ، وكسرهما، حتَّى زعم بعضهم أنَّ قراءة الخروج من كسرٍ إلى ضمٍّ من التَّداخل.
فصل
والغنيمةُ في الشريعةِ، والفيء، اسمان لما يُصيبه المسلمون من أموال الكفار.