بهؤلاء الذين نقضوا عهدك وجَاءُوا لحربك فعلاً من الحرب والتمكين، يفرقُ منك ويخافك من خلفهم من أهل مكة واليمن، «لَعَلَّهُم يذَّكرُون» يتذكرون ويعتبرون فيا ينقضون العهد.
وقرأ الأعمش بخلاف عنه:«فَشَرِّذْ» بالذال المعجمة.
وقال أبُو حيَّان رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى:«وكذا هي في مصحف عبد الله» .
قال شهاب الدين:«وقد تقدَّم أنَّ النَّقْطَ والشَّكْلَ أمرٌ حادثٌ، أحدثه يحيى بن يعمر، فكيف يُوجد ذلك في مصحف ابن مسعود؟» .
قيل: وهذه المادة - أعني: الشين، والرَّاء، والذال المعجمة - مهملة في لغة العرب وفي هذه القراءةِ أوجه، أاحدها: أنَّ الذَّال بدلُ من مجاورتها، كقولهم: خراديل وخراذيل.
الثاني: أنه مقلوبٌ مِنْ «شذر» ، من قولهم: تَفرَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ، ومنه: الشَّذْر المُلتقط من المعدن؛ لتفرُّقِهِ؛ قال:[الطويل]
الثالث: أنه من ذر في مقاله، إذا أكثر فيه، قاله أبو البقاءِ، ومعناه غير لائق هنا.
وقال قطرب:«شرّذ» بالمعجمة، التنكيل، وبالمهملة: التَّفريق. وهذا يُقَوِّي قول من قالك إن هذا المادَّة ثابتةٌ في لغة العربِ.
قوله «مَنْ خَلْفَهُمْ» مفعول: «شرِّدط. وقرأ الأعمشُ بخلاف عنه وأبو حيوة» مِنْ خلفهم «جاراً ومجروراً، والمفعولُ على هذه القراءة محذوفٌ، أي: فشرِّدُ أمثالهم من الأعداء، وأناساً يعملون بعملهم، والضميران في» لَعَلَّهُم يذكَّرُون «الظَّاهِرُ عودهما على» مَنْ خَلْفَهُمْ «، أي: إذا راوا ما حلَّ بالمناقضين تذكَّرُوا. وقيل: يعودان على المثقفين، وليس له معنى طائل.
قوله:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فانبذ إِلَيْهِمْ على سَوَآءٍ} .
مفعول انبذ محذوف، أي: انبذ إليهم عهودهم، أي: اطرحها، ولا تكترث بها