للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال ابنُ عبَّاسٍ:» يُوفَّ لكُم أجره «أي: لا يضيع في الآخرة أجره؛ {وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} أي: لا تنقصون من الثَّواب. ولما ذكر ابن عباس هذا التفسير تلا قوه تعالى {آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمِ مِّنْهُ شَيْئاً} [الكهف: ٣٣] .

قوله تعالى: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فاجنح لَهَا} الآية.

لمَّا بيَّن ما يهرب به العدو من القوة، بيَّن بعده أنَّهم عند هذا الإرهاب إذا مالوا إلى المصالحة، فالحكمُ قبولُ المصالحِة، والجنوحُ: المَيْلُ، وجَنَحَتِ الإبلُ: أمالت أعناقها؛ قال ذو الرُّمَّةِ: [الطويل]

٢٧٣١ - إذَا مَاتَ فوقَ الرَّحْلِ أحْيَيْتِ رُوحَهُ ... بِذكْراكِ والعِيسُ المَراسِيلُ جُنَّحُ

يقال: جَنَحَ اللَّيْلأُ: أقْبَلَ.

قال النضرُ بن شميلٍ: «جنح الرَّجلُ إلى فلانٍ، ولفلان: إذا خضع له» والجُنُوح الاتِّباع أيضاً لِتضمُّنه الميل؛ قال النَّابغة - يصفُ طيراً يتبع الجيش: [الطويل]

٢٧٣٢ - جَوَانِحُ قَدْ أيْقَنَّ أنَّ قبيلهُ ... إذا ما التقَى الجَمْعَانِ أوَّلُ غَالِب

ومنه «الجَوانِحُ» للأضلاع، لميلها على حشو الشخص، والجناحث من ذلك، لميلانه على الطَّائر، وقد تقدَّم الكلامُ على بعض هذه المادة في البقرة.

قوله «لِلسَّلْمِ» تقدَّم الكلام على «السلم» في البقرة، وقرأ أبو بكر عن عاصم هنا بكسر السين، وكَذا في القتال: {وتدعوا إِلَى السلم} [محمد: ٣٥] ، ووافقه حمزة ما في القتال و «لِلسَّلْم» متعلق ب «جَنَحُوا.

فقيل: يتعدَّى بها، وب» إلى «.

وقيل: هنا بمعنى» إلى «. وقرأ الأشهبُ العقيليُّ:» فاجْنُحْ «بضمِّ النُّون، وهي لغة قيس، والفتح لغة تميم.

والضمير في» لها «يعود على» السلم «؛ لأنَّها تذكَّرُ وتُؤنث؛ ومن التَّأنيث قوله [المتقارب] .

<<  <  ج: ص:  >  >>