للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

موضع نصب، بل هذه إضافة صحيحة ليست من نصب، و» حَسْبك «مبتدأ مضافٌ إلى الضمير وليس مصدراً، ولا اسم فاعل، إلَاّ إن قيل: إنَّه عطف على التوهم كأنه توهَّم أنه قيل: يكفيك الله، أو كفاك الله، لكن العطف على التوهُّم لا ينقاسُ» .

والذي ينبغي أن يحمل عليه كلامُ الشعبي وابن زيد أن تكون «مَنْ» مجرورة ب «حَسْب» محذوفة، لدلالة «حَسْبك» عليها؛ كقوله: [المتقارب]

٢٧٣٦ - أكُلَّ امرىءٍ تَححسَبينَ امْرَأً ... ونارٍ توقَّدُ باللَّيْلِ نَارَا

أي: وكلَّ نار، فلا يكُونُ من العطفِ على الضمير المجرور.

قال ابن عطيَّة: «وهذا الوجهُ من حذفِ المضاف مكروه بأنه ضرورةٌ» .

قال أبو حيان: «وليس بمكروهٍ، ولا ضرورة بل أجازه سيبويه، وخرَّج عليه البيت وغيره من الكلام» .

قال شهابُ الدين: «قوله:» بل هذه إضافةٌ صحيحة، ليست من نصب «فيه نظر؛ لنَّ النَّحويين على أنَّ إضافة» حَسْب «وأخواتها إضافةٌ غيرُ محضة، وعلَّلُوا ذلك بأنها في قوة اسم فاعل ناصبٍ لمفعولٍ به، فإنَّ» حَسْبكَ «بمعنى: كافيك، و» غيرك «بمعنى مُغايرك، و» قيد الأوابد «بمعنى: مُقيدها.

قالوا: ويدلُّ على ذلك أنَّها تُوصفُ بها النَّكرات، فيقال: مررت برجلٍ حسبك من رجلٍ» .

وجوَّز أبو البقاء: الرفع من ثلاثة أوجهٍ: أنَّهُ نسقٌ على الجلالةِ كما تقدَّم، إلَاّ أنَّهُ قال: فيكون خبراً آخر، كقولك: القائمان زيد وعمرو، ولم يُثَنِّ «حَسْبك» ؛ لأنه مصدرٌ.

وقال قومٌ: هذا ضعيفٌ؛ لأن الواو للجمع، ولا يَحْسُن ههنا، كما لا يَحْسُن في قولهم: «مَا شَاء اللَّهُ وشِئْتَ» ، «ثم» هاهنا أولى.

يعني أنَّهُ من طريق الأدل لا يُؤتَى بالواو التي تقتضي الجمع، بل يأتي ب «ثم» التي تقتضي التراخي والاحديثُ دالٌّ على ذلك.

الثاني: أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: وحسب من اتبعك.

الثالث: هو مبتدأ والخبر محذوف تقديره: ومن اتبعك كذلك، أي: حسبهم الله.

وقرأ الشعبيُّ «ومَنْ» بسكون النون «أْتْبَعك» بزنة «أكْرَمَكَ» .

قوله تعالى: {ياأيها النبي حَرِّضِ المؤمنين عَلَى القتال} الآية.

لمَّا بيَّن أنه تعالى كافيه بنصره، وبالمؤمنين، بيَّن ههنا أنه ليس من الواجب أن يتكل على ذلك إلا بشرط أن يحرض المؤمنين على القتال؛ فإنه تعالى كفيل بالكفاية بشرط أن

<<  <  ج: ص:  >  >>