قال الفراء:«أمْ» من الاستفهام الذي يتوسط الكلام، ولو أريد به الابتداء لكان ب «الألفط أو ب» هل «.
فصل
هذا ترغيبٌ في الجهاد قيل: هذا خطابٌ للمنافقين، وقيل: للمؤمنين الذي شق عليهم القتال، فقال: أحسبتم أن تتركوا فلا تأمروا بالجهاد، ولا تمتحنوا، ليظهر الصادق من الكاذب، «ولمَّا يعلم اللهُ» أي يرى اللهُ الذين جاهدوا منكم، وذكر العلم والمراد منه: المعلوم، فالمراد أن يصدر الجهاد عنهم، إلَاّ أنه لما كان وجود الشيء يلزمه أن يكون معلوم الوجود عند الله، لا جرم جعل علم الله بوجوده كناية عن وجوده.
قوله {وَلَمْ يَتَّخِذُواْ} يجوزُ في هذه الجملة وجهان:
أحدهما: أنَّها داخلةٌ في حيِّز الصلة، لعطفها عليها، أي: الذين جَاهَدُوا ولم يتَّخذُوا.
الثاني: أنَّها في محلِّ نصب على الحالِ من فاعل: «جَاهدُوا» أي: جَاهَدُوا حال كونهم غير متخذين وليجَةً.
و:«وَليجَةً» مفعول، و «مِن دُونِ اللهِ» إمَّا مفعول ثان، إن كان الاتخاذُ بمعنى التَّصْيير، وإمَّا متعلقٌ بالاتخاذ، إن كان على بابه، والوليجة: فَعِيلة، مِن الوُلُوج، وهُو الدُّخُولُ، و «الوَليجَةُ» من يداخلك في باطن أمورك، وقال أبو عبيدة:«كُلُّ شيءٍ أدخلته في شيءٍ وليس منهُ، والرجل في القوم وليس منهم، يقال له وليجة» ويستعملُ بلفظٍ واحدٍ، للمفردِ، والمثنى، والمجموع، وقد يجمعُ على «ولَائِج» ووُلُج، ك: صحيفة، وصحائف، وصحف وأنشدوا لعبادة بن صفوان الغنوي:[الطويل]
٢٧٧٠ - ولائجُهُمْ في كُلِّ مَبْدَى ومَحْضَرٍ ... إلى كُلِّ مَنْ يُرْجَى ومَنْ يَتخوَّفُ
فصل
معنى الآية:{وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ الله وَلَا رَسُولِهِ وَلَا المؤمنين وَلِيجَةً} بطانة، وأولياء يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم.
وقال قتادةُ:«وَليجةً» خيانة. وقال الضَّحَّاك. «خديعة» . والمقصودُ من ذكر