يقول:«لَئِنْ عِشْتُ إنْ شاءَ الله لأخرجنَّ اليهُودَ والنَّصارى من جزيرةِ العربِ، حتى لا أدعُ إلَاّ مُسْلِماً» فمضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وأوصى فقال: «أخرجُوا المُشركينَ مِنْ جزيرةِ العرب» فلم يتفرَّغ لذلك أبو بكر، وأجلاهم عمر في خلافته، وأحل لمن يقدم منهم تاجراً ثلاثاً.
والقسم الثالث: سائر بلاد الإسلام؛ فيجوزُ للكافر أن يقيم فيها بذمَّة أو أمان، ولكن لا يدخلون المساجد إلا بإذن مسلم.
فصل
والمراد بقوله «بَعْدَ عامهم هذا» يعني العام الذي حجَّ فيه أبو بكرٍ بالنَّاس، ونادى علي بالبراءة، وهو سنة تسع من الهجرةِ.
قوله:{وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} . العيلةُ: الفقرُ، يقالك عَالَ الرَّجُل يَعِيلُ عَيْلَةً: إذا افتقر. والمعنى: إن خفتم فقراً بسبب منع الكفار: «فسَوْفَ يغنيكُم الله مِنْ فَضْلِهِ» قال مقاتل «أسلم أهلُ جدة وصنعاء وحنين، وحملوا الطعام إلى مكَّة، فكفاهم الله ما كانوا يخافون» .
وقال الحسنُ والضحاكُ وقتادةُ:«عوَّضهم الله عنها بالجزية» وقيل: أغناهم بالفيء. وقال عكرمة:«أنزل اللهُ عليهم المطر، وكثر خيرهم» .
فإن قيل: الغرضُ بهذا الخبر، إزالة الخوف بالعيلة، وقوله «إن شَاء اللهُ» يمنع من فائدة هذا المقصود.
فالجوابُ من وجوه:
الأول: ألَاّ يحصل الاعتماد على حصول هذا المطلوب؛ فيكون الإنسان أبداً متضرّعاً إلى الله تعالى في طلب الخيرات، وفي دفع الآفات.
الثاني: أنَّ المقصود من ذكر هذا الشَّرط تعليم رعاية الأدب، كقوله:{لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَآءَ الله}[الفتح: ٢٧] .
الثالث: المقصودُ: التَّنبيه على أنَّ حصول هذا المعنى لا يكون في كلِّ الأوقات،