قال الزمخشريُّ «قوله:» عن يدٍ «إمَّا أن يراد به عن يد المُعْطِي، أو يد الآخذ، فإن كان المراد به المعطي ففيه وجهان:
أحدهما: عن يد غير ممتنعة؛ لأنَّ مَنْ أبى وامتنع لم يعط عن يده، بخلافِ المطيع المنقاد.
وثانيهما: حتى يعطوها عن يد إلى يدٍ نقداً غير نسيئة، ولا مبعوثاً على يد أحدٍ، ولكن عن يد المُعطي إلى يد الآخذ.
وإن كان المرادُ به: يد الآخذ، ففيه وجهان:
الأول: حتى يعطوا الجزية عن يد قاهرة مستولية للمسلمين عليهم، كما تقولُ: اليد في هذا لفلان.
وثانيها: أنَّ المراد: عن إنعام عليهم؛ لأنَّ قبول الجزية منهم، وترك أرواحهم لهم نعمة عظيمة عليهم» .
قوله {وَهُمْ صَاغِرُونَ} أي: تؤخذ الجزية منهم على الصغار والذل والهوان، يأتي بها بنفسه ماشياً إلا راكباً، ويسلمها وهو قائم والمتسلم جالس، ويؤخذ بلحيته ويقال له أدِّ الجزية.
وقال الكلبيُّ:«إذا أعْطَى يصفعُ في قفاهُ» . وقيل: يكتب ويجرُّ إلى موضع الإعطاء.
وقيل: إعطاؤه إيَّاها هو الصِّغار؛ وقال الشافعيُّ «الصِّغارُ: جريان أحكام الإسلام عليهم» .
فصل
الكفار فريقان، منهم عبدة الأوثان وعبدة ما استحسنوا، فهؤلاء لا يقرَّون على دينهم بأخذ الجزية؛ ويجب قتالهم حتى يقولوا: لا إله إلَاّ الله، ويصيروا مؤمنين.
والثاني: أهل الكتاب وهم اليهودُ والنصارى؛ فهؤلاء يقرون بالجزية، والمجوسُ أيضاً سبيلهم سبيل أهل الكتاب، لقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:«سُنُّوا بِهمْ سُنَّة أهْلِ الكِتابِ» ، وأخذه الجزية من مجوس هَجَرَ.
فصل
اتَّفَقَتْ الأمةُ على جواز أخذ الجزية من أهل الكتاب، وهم اليهودُ والنصارى إذا