للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابنُ عبَّاسٍ: «قاتلوهم بكليتهم ولا تحابوا بعضهم بترك القتال، كما أنَّهُم يستحلُّون قتال جميعكم» {واعلموا أَنَّ الله مَعَ المتقين} أي: مع أوليائه الذين يخشونه في أداء الطَّاعات والاجتناب عن المحرمات.

واختلفوا في تحريم القتال في الأشهر الحرم، فقيل: كان مُحرماً ثم نسخ بقوله تعالى {وَقَاتِلُواْ المشركين كَآفَّةً} أي: فيهن، وفي غيرهن، وهو قول قتادة، وعطاء الخراساني، والزهريُّ وسفيان الثوري، وقالوا: لأنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ غزا هوازن بحنين، وثقيفاً بالطائف، وحاصرهم في شوال وبعض ذي القعدة. وقال آخرون: غير منسوخ. قال ابن جريج «حلف بالله عطاء بن أبي رباح أنَّهُ ما يحلُّ للنَّاس أن يغزوا في الحرم، ولا في الأشهر الحرم إلَاّ أن يقاتلوا فيها، وما نسخت» .

قوله {إِنَّمَا النسياء زِيَادَةٌ فِي الكفر} في «النَّسِيء» قولان:

أحدهما: أنَّه مصدرٌ على «فَعِيل» مِن: «أنْسأ» ، أي: أخَّرَ، ك «النذير» من أنذر، و «النكير» من أنْكَر، وهذا ظاهرُ قول الزمخشري فإنَّه قال: «النَّسيء: تأخيرُ حرمة الشهر إلى شهر آخر» ، وحينئذٍ. فالإخبارُ عنه بقوله «زيادة» واضحٌ، لا يحتاج إلى إضمار.

وقال الطبريُّ: «النَّسيء - بالهمز - معناه: الزيادة» ؛ لأنَّه تأخير في المدة، فيلزمُ منه الزيادة، ومنه النَّسيئة في البيع، يقال: أنْسَأ الله أجلهُ، ونسأ في اجله أي أخّر وهو ممدود عند أكثر القراء.

الثاني: أنَّه «فَعِيلٌ» بمعنى «مَفْعُول» مِنْ نسأهُ أي: أخَّره فهو منسوءٌ، ثم حُوِّل «مفعول» إلى «فَعِيلٍ» ، وإلى ذلك نَحَا أبُو حاتمٍ، والجوهري - وهذا القول ردَّه الفارسي فإنَّه يكون المعنى: إنَّما المؤخَّر زيادة، والمؤخَّر الشهر، ولا يكون الشهرُ زيادة في الكفرِ، وأجيب عن هذا بأنَّه على حذف مضاف إمَّا من الأول، أي: إنَّما إنساءُ النَّسيء زيادة في الكفر، وإمَّا من الثاني، أي: إنما النسيء ذُو زيادة. وقرأ الجمهورُ «النَّسيء» بهمزة بعد الياءِ، وقرأ ورش عن نافع «النسيّ» بإبدال الهمزة ياء وإدغام الياء فيها، ورُويت هذه عن أبي جعفر، والزهري وحميد، وذلك كما خفّفوا «برية» و «خطية» .

وقرأ السلمي، وطلحة، والأشهب، وشبل، «النَّسْء» بإسكان السين. وقرأ

<<  <  ج: ص:  >  >>