الأخوان» كُرهاً «بالضَّمِّ، وقد تقدم تحقيقُ ذلك في النساء. وقال أبُو حيان هنا:» قرأ الأعمش وابن وثاب «كُرهاً» بضم الكاف «. وهذا يُوهم أنَّها لم تُقْرأ في السبعة. قال الزمخشري: هو أمرٌ في معنى الخبر، كقوله:
{فَلْيَمْدُدْ
لَهُ
الرحمن
مَدّاً} [مريم: ٥٧] ، ومعناه لن يُتقبَّل منكم؛ أنفقتم طوعاً أو كرهاً، ونحوه قوله تعالى:{استغفر لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ}[التوبة: ٨٠] ؛ وقول كثير عزة:[الطويل]
٢٧٩٦ - أسيئي بِنَا أو أحْسِنِي لا ملُومَة..... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . .
أي: لن يغفر اللهُ، استغفرت لهم، أو لم تستغفر. ولا نلومُكِ أحسنتِ إلينا، أم أسَأتِ؛ وفي معناه قول القائل:[الطويل]
٢٧٩٧ - أخُوكَ الذي إنْ قُمْتَ بالسَّيفِ عَامِداً ... لِتضْربَهُ لَمْ يَسْتغشَّكَ في الوُدِّ
وقال ابن عطيَّة «هذا أمرٌ في ضمنه جزاءٌ، والتقدير: إنْ تنفقوا لن يُتقبَّل منكم. وأمَّا إذا عَرِي الأمرُ من الجواب فليس يصحبه تضمُّنُ الشَّرط» قال أبُو حيَّان «ويقَدْح في هذا التَّخريجِ، أنَّ الأمر إذا كان فيه معنى الشرط، كان الجواب كجواب الشرط. فعلى هذا يقتضي أن يكون التركيب:» فلن يتقبل «بالفاء، لأنَّ» لَنْ «لا تقعُ جواباً للشَّرط إلَاّ بالفاء فكذلك ما ضُمِّنَ معناه؛ ألا ترى جزمه الجواب، في قوله: اقصد زيداً يُحْسِنْ إليكَ» .
قال شهابُ الدِّينِ «إنَّما أراد أبو محمد تفسير المعنى، وإلا فلا يجهلُ مثل هذه الواضحات، وأيضاً فلا يلزمُ أن يعطى الأمر التقديري حكم الشَّيء الظاهر من كل وجه» .
وقوله:«إنَّكمُ» وما بعده جارٍ مجرى التعليل. وقوله:{لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ} يحتملُ أن يكون المراد أن الرسُول - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - لا يتقبل تلك الأموال منهم، ويحتملُ أن يكون المراد أنها لا تصير مقبولة عند الله تعالى.
قيل: نزلت في جد بن قيس حين استأذن في القعود، وقال: أعينكم بمالي، والمرادُ بالفسق هنا: الكفر، لقوله بعده {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ}[التوبة: ٥٤] .