وروى زياد بن الحارث الصُّدانئي قال: أتيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فبايعته فأتاه رجل فقال أعطني من الصَّدقة فقال له رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ
«إنَّ اللهَ لَمْ يرضَ بحُكْم نبي، ولا غيره في الصَّدقاتِ حتَّى حكم فيها فجَزَّأها ثمانيةَ أجزاء، فإنْ كنتَ من تلكَ الأجزاءِ أعطيتُك حقَّك» .
فصل
مذهب أبي حنيفة: أنه يجوز صرف الصَّدقة إلى بعض الأصناف، وهو قول عمر وحذيفة، وابن عباسٍ، وسعيد بن جبير، وأبي العالية، والنخعي. قال سعيدُ بن جبير: لو نظرت إلى أهل بيت من المسلمين فقرأ متعففين فحبوتهم بها كان أحب إليَّ وقال الشافعي لا بُدَّ من صرفها إلى الأصناف الثمانية وهو قوك عكرمة، والزهري وعمر بن عبد العزيز واحتج بظاهر الآية. قال ولا بدَّ في كلِّ صنف من ثلاثة، فإن دفع سهم الفقراء إلى فقيرين ضمن نصيب الثالث، وهو ثلث سهم الفقراءِ قال: ولا بد من التسوية في أنصباء هذه الأصناف الثمانية، مثاله لو وجد خمسة أصناف، ولزمه أن يتصدَّق بعشرة دراهم؛ لزمه أن يجعل العشرة خمسة أسهم.
واختلفوا في صفة الفقير والمسكين، فقال ابن عباسٍ، والحسنُ، ومجاهدٌ، وعكرمةُ والزهريُّ: الفقير: الذي لا يسأل، والمسكين: السَّائل. قال ابن عمر: ليس بفقير من جمع الدرهم إلى الدرهم والتمرة إلى التمرة، ولكن الفقير من أنقى نفسه وثيابه ولا يقدر على شيء:{يَحْسَبُهُمُ الجاهل أَغْنِيَآءَ مِنَ التعفف}[البقرة: ٢٧٣] .