للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أي: ثَبَتَ واستقرَّ. ومنه «عدن» لمدينة باليمن، لكثرة المقيمين بها.

قوله: {وَرِضْوَانٌ مِّنَ الله أَكْبَرُ} التَّنكيرُ يفيدُ التقليل، أي: أقلُّ شيء من الرضوان أكبر من جميع ما تقدَّم من الجنَّات ومساكنها.

ثم قال: {ذلك هُوَ الفوز العظيم} أي: هذا هو الفوزُ العظيمُ، لا ما يطلبه المنافقون والكفار من التنعم بطيبات الدنيا. روى أبو سعيدٍ الخدريُّ أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ لأهل الجنَّة: يا أهل الجنة هل رضيتم؟ فيقولون: ربنا ومالنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: ربنا أي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول:» أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً «.

قوله تعالى: {يا أيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين} الآية.

لمَّا وصف المنافقين بالصِّفات الخبيثةِ، وتوعدهم بأنواع العقاب، ثمَّ ذكر المؤمنين بالصفات الحسنة، ووعدهم بالثَّوابِ، عاد إلى شرح أحوال الكُفَّارِ والمنافقين في هذه الآية.

فإن قيل: مجاهدة المنافقينَ غيرُ جائزة، فإنَّ المنافق يستر كفره وينكره بلسانه.

فالجوابُ من وجوه:

أحدها: قال الضحاكُ: مجاهدة المنافق: تغليظُ القول، وهذا بعيدٌ؛ لأنَّ ظاهر قوله {جَاهِدِ الكفار والمنافقين} يقتضي الأمر بجهادهما معاً، وكذا ظاهر قوله: {واغلظ عَلَيْهِمْ} راجع إلى الفريقين.

وثانيها: أنَّ الجهاد عبارة عن بذل الجهد وليس في اللفظ ما يدلُّ على أنَّ الجهاد بالسَّيف أو باللِّسانِ أو بطريق آخر. فقال ابن مسعودٍ: بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لَمْ يَسْتَطعْ فبقَلبِهِ. وقال: لا يلقى المنافق إلَاّ بوجه مكفهر. وقال ابنُ عبَّاسٍ: باللِّسانِ وترك الرفق.

وثالثها: قال الحسنُ وقتادةُ: بإقامةِ الحدودِ عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>