النفاق لا محالة لهذه الآية، ولقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:«ثلاثٌ من كُنَّ فيه كان مُنافقاً وإن صلَّى وصامَ وزعمَ أنَّهُ مؤمنٌ، إذا حدَّث كذبَ، وإذا وعدَ أخلفَ، وإذا ائْتُمِنَ خَانَ» .
ونقل أن واصل بن عطاء قال: أتى الحسن رجلٌ فقال له: إن أولاد يعقوب حدَّثُوه في قولهم {فَأَكَلَهُ الذئب}[يوسف: ١٧] فكذبوهُ، ووعدوه في قولهم:{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[يوسف: ١٢] فأخلفوه، وائتمنهم أبوهم على يوسف فخانوه، فهل نحكمُ بكونهم منافقين؟ قيل: فتوقف الحسن في مذهبه.
وفسَّر عمر بن عبيد الحديث فقال «إذا حدَّث عن الله كذب عليه، وعلى دينه، وعلى رسوله وإذا وعد أخلف كما ذكر الله فيمن عاهد الله، وإذا ائتمن على دين الله خان في السرِّ فكان قلبه على خلاف لسانه» .
قوله:{إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} قال الجبائيُّ «تمسَّكُوا في إثبات رُؤية الله بقوله تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ}[الأحزاب: ٤٤] قال: واللقاء ليس عبارة عن الرؤية، بدليل قوله في صفة المنافقين {إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} وأجمعوا على أنَّ الكفَّار لا يرونه؛ فدلَّ على أنَّ اللقاء ليس عبارة عن الرؤية.
ويؤيدُه قوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ» من حلفَ على يمينٍ كاذبةٍ ليقتطع بهَا حق امرئ مُسلمٍ لقيَ الله وهُو عليه غَضبَانُ «وأجمعوا على أنَّ المراد من اللقاء ههنا: لقاء ما عند الله من العقاب فكذا ههنا» .
قال ابن الخطيب «وهذا دليلٌ ضعيفٌ؛ لأنَّا إذا تركنا حمل لفظ اللقاء على الرُّؤيةِ في هذه الآية، وفي الخبر لدليل منفصل؛ فلا يلزمنا ذلك في سائر الصُّور، كما إذا أدخلنا التَّخصيصَ في بعض العمومات لدليل منفصل؛ فلا يلزمنا أن نُخَصّصَ جميع العمومات من غير دليل فكما لا يلزمنا هذا لا يلزمنا ذلك» .
قوله:{بِمَآ أَخْلَفُواْ الله مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ} أي: أنَّ الله أعقبهم ذلك النِّفاق في قلوبهم لأجل إخلافهم الوعد، وعلى كذبهم. وقرأ الجمهور «يَكْذبُونَ» مخففاً، وأبو رجاء مثقلاً.
قوله تعالى:{أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ الله يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} الآية.
قرأ الجمهور «يَعْلمُوا» بالياء من تحت. وقرأ عليُّ بن أبي طالبٍ، والحسنُ،