للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل

قال القرطبيُّ: ولا قراءة في صلاة الجنازة في المشهور من مذهب مالكٍ. وكذا أبو حنيفة والثوري، لقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «إذا صلَّيْتُم على المَيِّت فأخْلِصُوا له الدُّعاءِ» وذهب الشافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، ومحمدُ بنُ سلمة، وأشهب، وداوود: إلى أنه يقرأ بالفاتحة، لقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «لا صلاةَ لِمَنْ لا يَقْرَأ بفَاتِحَةِ الكتابِ» .

والسُّنَّةُ أن يقفَ الإمامُ عند رأسِ الرجل، وعند عجيزةِ المرْأةِ.

قوله تعالى: {وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ} الآية.

قيل: هذا تأكيدٌ للآيةِ السَّابقة. وقال الفارسيُّ: «ليست للتأكيد؛ لأنَّ تيكَ في قومٍ وهذه في آخرين، وقد تغاير لفظا الآيتين؛ فهنا» ولَا «بالواو، لمناسبة عطف نَهْي على نَهْي قبله في قوله:» ولا تُصَلِّ. . ولا تَقُمْ «،» ولَا تُعْجِبكَ «، فناسبَ ذلك» الواو «، وهناك ب» الفاء «، لمناسبة تعقيب قوله: {وَلَا يُنفِقُونَ إِلَاّ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: ٥٤] أي: للإنفاق، فهم مُعْجَبون بكثرة الأموالِ والأولادِ، فنهاهُ عن الإعجاب ب» فاء «التعقيب. وهنا» وأولَادهُمْ «دون» لا «نهيٌ عن الإعجاب بهما مجتمعين، وهناك بزيادة» لا «لأنَّه نهيٌ عن كل واحد واحد، فدلَّ مجموعُ الآيتين على النَّهي بالإعجاب بهما مجتمعين ومنفردين» .

قال ابنُ الخطيبِ «السَّبَبُ فيه: أنَّ مثل هذا التَّرتيب يبتدأُ فيه بالأدْنَى ثمَّ يترقَّى إلى الأشرف، فيقال: لا يُعْجِبُنِي أمر الأمير، ولا أمر الوزير، وهذا يدلُّ على عدم التفاوت بين الأمرين عندهم» .

وهنا قال «أن يُعذِّبَهُم» ، وهناك قال «ليُعَذِّبَهُم» ، فأتى ب «اللَاّم» المشعرة بالغلية ومفعول الإرادةِ محذوفٌ، أي: إنَّما يريد الله اختبارهم بالأموالِ والأولادِ - وأتى ب «أنْ» ؛ لأنَّ مصبَّ الإرادة التَّعذيبُ، أي: إنَّما يريد الله تَعْذيبَهُم، فقد اختلف مُتعلَّقُ الإرادة في الآيتين. هذا هو الظَّاهر. وقال ابنُ الخطيب «فائدته: التَّنبيه على أنَّ التعليلَ في أحكام الله تعالى محالٌ، وإنَّما ورد حرفُ التعليل زائداً ومعناه» أنْ «لقوله تعالى {وَمَآ أمروا إِلَاّ لِيَعْبُدُواْ الله} [البينة: ٥] ، أي:» وما أمروا إلا بأن يعبدوا الله «. وهناك» فِي الحياةِ الدُّنْيَا «، وهنا

<<  <  ج: ص:  >  >>