قال أبُو حاتمٍ: أراد «المتعذَّرون» والتاء لا تدغم في العين، لبُعد المخارجِ وهي غلطٌ منه، أو عليه.
قوله:«ليُؤذنَ» متعلقٌ ب «جَاءَ» وحذفَ الفاعلُ، وأقيمَ الجارُّ مقامه، للعلم به، أي: ليأذن لهم الرسول.
فصل
أمَّا قراءةُ التخفيف فهم الكاذبون في العذر، وأمَّا قراءة التشديد، فمحتملة لأن يكونُوا صادقين، وأن يكُونُوا كاذبينَ. قال ابنُ عبَّاسٍ «هم الَّذِين تخلَّفُوا بعذرٍ بإذن رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ» وهو قول بعض المفسرين أيضاً، قال: المعذرون، كانوا صادقين؛ لأنَّه تعالى لمَّا ذكرهم قال بعدهم {وَقَعَدَ الذين كَذَبُواْ الله وَرَسُولَهُ} ، فلمَّا ميَّزهم عن الكاذبين دلَّ على أنَّهم لَيْسُوا كاذبينَ.
وقال الضَّحَّاكُ: هُم رهطُ عامر بن الطفيل جاءوا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دفاعاً عن أنفسهم، فقالُوا: يا نبيَّ الله: إنْ نحنُ غزونَا معك أغارت أعرابُ طيىءٍ على حلائلنا، وأولادنا، ومواشينا، فقال لهم رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد نَبَّأني الله من أخباركم، وسيغنيني الله عنكم.
وروى الواحديُّ عن أبي عمرو: أنَّهُ لمَّا قيل له هذا الكلام قال: إنَّ أقواماً تكلَّفُوا عُذْراً بباطل فهمُ الذين عناهم بقوله: «وَجَآءَ المعذرون» ، وتخلَّف آخرون لا بعُذر ولا بشبهةِ عذرٍ جراءة على الله تعالى؛ فهم المرادون بقوله {وَقَعَدَ الذين كَذَبُواْ الله وَرَسُولَهُ} ، فأوعدهُم بقوله:{سَيُصِيبُ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ} في الدُّنيا بالقتلِ، وفي الآخرة بالنَّارِ.
وإنَّما قال «مِنْهُم» ؛ لأنَّه تعالى كان عالماً بأنَّ بعضهم سيؤمن، فذكر بلفظة «مِنْ» الدَّالة على التَّبعيض.
وقرأ الجمهور «كَذبُوا» بالتَّخفيف، أي: كذبُوا في أيمانهم. وقرأ الحسنُ في المشهور عنه وأبيٌّ، وإسماعيل «كذَّبُوا» بالتَّشديد، أي: لَمْ يُصدِّقُوا ما جاء به الرَّسولُ عن ربِّه ولا امتثلوا أمره.