والأخرى عذاب القبر. وعن ابن عبَّاسٍ: الأولى إقامة الحدود عليهم، والأخرى عذاب القبر. وقال ابنُ إسحاق: هو ما يدخل عليهم من غيظ الإسلام، ودخولهم فيه من غير حسبة، ثم عذاب القبر. وقيل: أحدهما ضرب الملائكة وجوههم، وأدبارهم عند قبض أرواحهم، ثم عذاب القبر، وقيل: الأولى إحراق مسجدهم مسجد الضّرار، والأخرى إحراقهم بنار جهنَّم ثُمَّ يردُّون إلى عذابٍ عظيم أي: عذاب جهنم يخلدون فيه وقال الحسنُ: الأولى أخذ الزكاة من أموالهم، وعذاب القبر.
«وآخرون» نسقٌ على «مُنافِقُون» أي: وممَّن حولكم آخرون، أو من أهلِ المدينة آخرون. ويجوزُ أن يكون مبتدأ، و «اعترفُوا» صفته، والخبر قوله:«خلطُوا» . قوله:«وآخَرَ» نسقٌ على «عَمَلاً» . قال الزمخشريُّ:«فإن قلت: قد جُعِلَ كُلُّ واحد منهما مخلُوطاً، فما المخلُوط به؟ قلتُ: كلُّ واحدٍ مخلوطٌ ومخلوطٌ به؛ لأنَّ المعنى: خلط كل واحدٍ منهما بالآخر، كقولك: خلَطْتُ الماءَ واللَّبن، تريدُ: خلطتُ كُلَّ واحدٍ منهما بصاحبه. وفيه ما ليس في قولك: خلطتْ الماءَ باللَّبَنِ؛ لأنَّك جعلت الماء مَخْلُوطاً، واللَّبنَ مخلوطاً به، وإذا قلته بالواو جعلتَ الماءَ واللَّبنَ مخلوطين، ومخلوطاً بهما، كأنَّك قلت: خلطتُ الماءَ باللبن، واللبن بالماءِ» .
ثمَّ قال «ويجوزُ أن يكون من قولهم: بِعْتُ الشَّاة: شاةً ودرهماً، بمعنى: شاة بدرهم» .
قال شهابُ الدِّينِ:«لا يريدُ أنَّ الواو بمعنى الباءِ، وإنَّما هذا تفسيرُ معنى» وقال أبُو البقاءِ: «ولو كان بالباءِ جاز أن تقول: خلطتُ الحنطة والشعير، وخلطت الحنطةَ بالشَّعير» .
قوله:«عَسَى الله» يجوزُ أن تكون الجملةُ مستأنفةً، ويجوزُ أن تكون في محلِّ رفع خبراً ل «آخرون» ويكون قوله «خلطُوا» في محلِّ نصب على الحالِ، و «قَدْ» معه مقدَّرةٌ، أي: قد خلطوا. فتلخَّص في:«آخرُونَ» أنَّهُ معطوف على «مُنافِقُون» ، أو مبتدأ مخبر عنه ب «خَلطُوا» ، أو بالجملة الرجائية.
فصل
قيل: إنَّهم قوم من المنافقين، تابُوا عن النِّفاقِ؛ لأنَّهُ عطف على قوله {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ