قال ابنُ عبَّاسٍ: معنى الصَّلاةِ عليهم: أن يدعو لهم. وقال آخرون: معناه أن يقول لهم اللَّهُمَّ صلِّ على فلان، ونقل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، أنَّ آل أبي أوفى لمَّا أتوه بالصَّدقة قال:» اللَّهُمَّ صلِّ على آلِ أبِي أوْفَى «.
واختلفوا في وجوب الدُّعاء من الإمام عند أخذ الصدقة، قال بعضهم: يجبُ. وقال بعضهم: يستحبُّ. وقال بعضهم: يجب في صدقة الفرضِ، ويستحب في التَّطوع. وقيل: يجب على الإمام، ويستحب للفقير أن يدعو للمعطي. ثم قال:{والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
لمَّا قال في الآية الأولى {عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}[التوبة: ١٠٢] ولمْ يُصرِّح في قبول توبتهم، صرَّح في هذه الآيةِ بأنه يقبلُ التَّوبةَ عن عباده، وأنَّهُ يأخذُ الصَّدقات، أي: يقبلها. قال أبُو مسلمٍ قوله:» أَلَمْ يعلموا «وإن كان بصيغة الاستفهام، إلَاّ أنَّ المقصود منه التقدير في النَّفس، ومن عادة العرب في إفهام المخاطب، وإزالة الشَّك عنه أن يقولوا: أما علمتَ أنَّ من علَّمكَ يجبُ عليك خدمته، أما علمت أنَّ من أحسن إليك يجبُ عليك شكره، فبشَّر اللهُ هؤلاء التَّائبين بقبول توبتهم وصدقاتهم. ثم زاده تأكيداً بقوله:{هُوَ التواب الرحيم} .
وقرأ الحسن بخلاف عنه» ألَمْ تعْلمُوا «قال أبُو حيَّان:» وفي مصحف أبَيّ «ألَمْ تَعْلمُوا» بالخطاب، وفيه احتمالات، أحدها: أن يكون خطاباً للمتخلِّفين الذين قالوا: ما هذه الخاصّيّة التي اختصّ بها هؤلاء؟ وأن يكون التفاتاً من غير إضمارِ قولٍ، والمرادُ: التَّائبون، وأن يكون على إضمار قولٍ، أي: قل لهم يا محمد: ألمْ تعلمُوا «.
قوله: «هُوَ يَقْبَلُ» «هو» مبتدأ، و «يَقْبَلُ» خبره، والجملةُ خبر «انَّ» ، و «أنَّ» وما في حيِّزها سادةٌ مسدَّ المفعولين، أو مسدَّ الأول. ولا يجوزُ أن يكون «هو» فصلاً، لأنَّ ما بعده لا يوهم الوصفيَّة، وقد تقدَّم تحريرُ ذلك، قوله:«عَنْ عبادِهِ» معلقٌ ب «يَقْبَلُ» وإنَّما تعدَّى ب «عَنْ» فقيل: لأنَّ معنى «مِنْ» ومعنى «عَنْ» متقاربان.
قال ابنُ عطيَّة:«وكثيراً ما يتوصَّل في موضع واحد بهذه وبهذه، نحو:» لا