العلم، ينتقلون من بلدٍ إلى بلدٍ» وقوله {الراكعون الساجدون} يعني: المُصلِّين. وقوله {الآمرون بالمعروف} بالإيمان {والناهون عَنِ المنكر} عن الشّرك. وقيل: المعروفُ: السنّةُ، والمنكر: البدعة.
قوله:{والحافظون لِحُدُودِ الله} القائمون بأوامر الله. وقال الحسنُ «أهلُ الوفاءِ ببيعة الله» .
قوله تعالى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ والذين آمنوا أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ} الآيات.
لمَّا بيَّن في أول السُّورة إلى هذا الموضع وجوب البراءة عن المشركين، والمنافقين من جميع الوجوه، بيَّن في هذه الآية وجوب البراءة عن أمواتهم، وإن كانوا في غاية القُرْبِ من الإنسان كالأب والأم، كما أوجب البراءة عن الأحياء منهم.
قال ابنُ عباسٍ: لمَّا فتح رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مكَّة، أتى قبر أمه آمنة، فوقف عليه حتى حميت الشمسُ، رجاء أن يؤذن له ليستغفر لها، فنزلت {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ والذين آمنوا أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ} وعن أبي هريرة قال: «زَارَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قبرَ أمه فبكَى وأبْكَى من حولهُ، فقال:» اسْتأذَنْتُ ربِّي في أنْ أسْتَغْفِرَ لها؛ فَلمْ يُؤذَنْ لِي واسْتَأذَنتُهُ في أنْ أزُورَ قَبْرهَا فأذِنَ لِي، فزُورُوا القُبُور فإنَّهَا تُذكرُ المَوْتَ «.
قال قتادة: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ «لأستغفرنَّ لأبي، كما استغفر إبراهيم لأبيه» فأنزل الله هذه الآية. وروى سعيد بن المسيب عن أبيه قال:«لمَّا حضرت أبَا طالب الوفاةُ جاءَهُ رسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فوجدَ عندهُ أبَا جهْلٍ، وعبد الله بنَ أبِي أميَّة بن المُغِيرة - فقال: يا عم قُلْ لا إله إلَاّ اللهُ أحَاجُّ لَكَ بِها عند اللهِ» فقال أبو جَهْلٍ وعبدُ الله بنُ أبي أميَّة: أتَرغَبُ عن ملَّةِ عَبْدِ المُطلبِ؟ فلمْ يزلْ رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَعْرِضُها عليْهِ ويُعيدُ لَهُ تِلكَ المقالةَ، حتَّى قَالَ أبُو طالب آخِرَ ما كَلَّمَهُمْ: على مِلَّة عبدِ المُطَّلبِ وأبَى أنْ يقُولَ لا إلهَ إلَاّ اللهُ، فقال رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ «لأسْتَغفِرَنَّ لَكَ ما لَمْ أنه عَنْكَ» فأنزل الله هذه الآية، وقوله:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [