للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال: ف «بِحُبِّهَا» متعلقٌ ب «مُصَاب» ، وقد تقدَّم على الاسم، فكذلك «لَهُمْ» يجوز أن يكون متعلقاً ب «عِنْدَ ربِّهِمْ» لمَا تضمَّن من الاستقرار، ويكونُ «عندَ ربِّهِمْ» هو الخبر.

قوله: {قَالَ الكافرون إِنَّ هذا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ} لمَّا جاءهم رسول منهم فأنذرهم وبشَّرهُم قالوا مُتعجِّبين: «إنَّ هذا لسَاحِرٌ مُبِينٌ» ، وقرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر «لسِحْرٌ» والباقون «لَسَاحر» ، ف «هَذَا» يجوزُ أن يكون إشارةً للقرآن، وأن يكون إشارةً للرسُول على القراءة الأولى، ولكن لا بد من تأويل على قولنا: هو إشارة للرسول، أي: ذو سحر أو جعلوه إيَّاه مبالغةً، وعلى القراءة الثانية فالإشارةُ للرَّسول - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - فقط.

واعلم أنَّ إقدامهم على وصف القرآن بأنَّه سحرٌ، يحتمل أنَّهم ذكروه في معرض الذَّمِّ، ويحتمل أنهم ذكروه في معرض المدح، فلهذا قال بعضُ المُفَسِّرين: أرَادُوا به أنَّه كلام مزخرف حسن الظَّاهر، لكنه باطِل في الحقيقة، ولا حاصل له، وقال آخرون: أرادُوا به أنَّه لكمال فصاحته، وتعذر مثله، جارٍ مجرى السِّحْر. وهذا كلام فَاسِد، فلهذا لم يذكر جوابه، وبيان فساده: أنَّه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - كان منهم، ونشأ بينهم، وما غَابَ عنهم، ولم يُخالط أحداً سواهم، ولم تكن مكَّة بلدة العُلماء، حتى يقال: إنَّه تعلَّم السحر منهم، أو تعلم العلوم الكثيرة منهم، فقدر على الإتيان بمثل هذا القرآن. وإذا كان الأمر كذلك، كان حمل القرآن على السِّحْر كلاماً في غايةِ الفسادِ، فلهذا السَّبب ترك جوابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>