الثانية في الظَّاء، وهو رَدِيءٌ جداً، وأحسنُ ما يقال هنا: إنَّه بالغ في إخفاءِ غُنَّة النُّون السَّاكنة، فظنَّه السَّامع إدغاماً، ورؤيته له بنُونٍ واحدةٍ، لا يدلُّ على قراءته إيَّاه مشددة الظَّاءِ، ولا مُخَفَّفها.
قال أبو حيان:«ولا يدلُّ على حذف النُّون من اللفظِ» وفيه نظرٌ؛ لأنه كيف يقرأ ما لم يكن مكتوباً في المصحف الذي رآه؟ وقوله:«كَيْفَ» منصوبٌ ب «تَعْملُون» على المصدر، أي: أيَّ عملٍ تعملُون، وهي معلِّقة للنَّظر.
فإن قيل: كيف جاز النَّظرُ إلى الله تعالى وفيه معنى المقابلة؟
فالجواب: أنَّه استعير لفظُ النظرِ للعلم الحقيقيِّ، الذي لا يتطرَّقُ إليه الشَّكُّ، وشبه هذا العلم بنظرِ النظر، وعيان العاين.
فإن قيل: قوله: «لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ» مُشْعرٌ بأنَّ الله - تعالى - ما كان عالماً بأحوالهم قبل وجودهم.
فالجواب: أنَّه - تعالى - يعامل العباد معاملة من يطلب العلم بما يكون منهم؛ ليُجازيهُم بجنسه، كقوله:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}[هود: ٧] ، قال - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «إنَّ الدُّنْيَا خضرةٌ حُلوةٌ وإنَّ الله مُستخْلفُكُمْ فيهَا فنَاظِرٌ كيف تعمَلُون» ، قال الزجاج:«موضع» كيف «نصب بقوله:» تَعْمَلُون «؛ لأنَّها حرف استفهام، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله» .
روي عن ابن عبَّاس: أن خمسة من الكفار كانوا يستهزءون بالرَّسول - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - وبالقرآن: الوليدُ بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن حنظلة، فقتل الله - تعالى - كل واحدٍ منهم بطريقٍ، كما قال:{إِنَّا كَفَيْنَاكَ المستهزئين}[الحجر: ٩٥] .