للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: «وَإِذَآ أَذَقْنَا» شرطيَّةٌ؛ جوابها «إذا» الفُجائيَّةُ في قوله: «إذا لهُم مكرٌ» ، والعاملُ في «إذَا» الفُجائيَّة؛ الاستقرارُ الذي في «لَهُمْ» ، وقد تقدَّم الخلافُ في «إذَا» هذه، هَلْ هِيَ حرفٌ أو ظرفُ زمان على بابها، أو ظرفُ مكان؟ قال أبو البقاءِ: «وقيل:» إذا «الثانية زمانيَّة أيضاً، والثانية وما بعدها جواب الأولى» ، وهذا الذي حكاهُ قولٌ ساقطٌ لا يفهم معناه.

فصل

معنى الآية: {وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس} يعني: الكفار {رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ} أي: راحة ورخاء من بعد شدة وبلاء.

وقيل: القطر بعد القحط، «مَسَّتْهُمْ» أي: أصابتهُم.

واعلم: أنَّ رحمة الله لا تُذاق بالفَمِ، وإنَّما تُذاق بالعقْلِ.

وقوله {إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ في آيَاتِنَا} قال مجاهد: تكذيب واستهزاء، وسُمِّي التكذيبُ مكراً؛ لأنَّ المكر عبارةٌ عن صرف الشَّيءِ عن ظاهره بطريق الحيلة، وهؤلاء يحتالُون لدفع آيات الله - سبحانه وتعالى - بكل ما يقدرون عليه من إلقاء الشُّبْهَة، أو التَّخْليط في المناظرة، أو غير ذلك من الأمور الفاسدة.

وقال مقاتل: لا يقولون هذا من رزق الله، إنَّما يقولون سُقِينَا بِنَوء كذا، وهو كقوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: ٨٢] .

وقوله: «في آيَاتِنَا» متعلقٌ ب «مَكْرٌ» ، جعل الآيات محلاًّ للمكر مبالغة، ويضعف أن يكون الجارُّ صفةً ل «مَكْرٌ» .

قوله: {قُلِ الله أَسْرَعُ مَكْراً} «أسرَعُ» مأخوذٌ من «سَرُعَ» ثلاثياً؛ حكاه الفارسي.

وقيل: بل مِنْ «أسْرَع» وفي بناء أفعل وفِعْلى التعجُّب من «أفعل» ثلاثةُ مذاهب:

الجواز مطلقاً.

المنع مطلقاً.

التَّفصيلُ: بين أن تكون الهمزةُ للتَّعدية فيمتنع، أو لا فيجوز. وقال بعضهم: «أسْرَعُ» هنا ليست للتفضيل. وهذا ليس بشيءٍ، إذ السِّياق يردُّه، وجعله ابن عطيَّة - أعني كون أسرع للتَّفضيل - نظير قوله: «لَهِي أسودُ مِنَ»

قال أبو حيَّان: «وأما تنظيرُهُ» «أسود من القَار» ب «أسْرَع» ففاسد؛ لأنَّ «أسْوَد» ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>