الموت، قال - تعالى -: {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الملائكة أَلَاّ تَخَافُواْ وَلَا تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بالجنة}[فصلت: ٣٠] . وروى عطاء نحوه، عن ابن عباسٍ.
وقال الحسن: هي ما بشَّر الله المؤمنين في كتابه من جنَّته، وكريم ثوابه، كقوله:{وَبَشِّرِ الذين آمَنُواْ}[البقرة: ٢٥]{وَبَشِّرِ المؤمنين}[البقرة: ٢٢٣]{وَأَبْشِرُواْ بالجنة}[فصلت: ٣٠] .
وقيل: بشَّرهم في الدُّنيا بالكتاب والرسُول أنهم أولياء الله، وبشَّرهم في القبور، وفي كتب أعمالهم بالجنَّة.
قوله:{فِي الحياة الدنيا} : يجوز فيه وجهان:
أظهرهما: أنَّه متعلقٌ بالبشرى، أي: البشرى تقع في الدُّنيا، كما فُسِّرت بالرُّؤيا الصَّالحة.
والثاني: أنَّها حالٌ من «البُشْرَى» فتتعلق بمحذوف، والعاملُ في الحال الاستقرارُ في «لهم» لوقوعه خبراً.
قوله:«لا تبْديلَ» جملةٌ مستأنفةٌ، أي: لا تغيير لقوله، ولا خلف لوعده.
وقوله:«ذَلِكَ» إشارةٌ للبُشْرَى، وإن كانت مؤنَّثةً؛ لأنَّها في معنى التَّبشير، وقال ابن عطيَّة: إشارةٌ إلى النَّعيم، وقال الزمخشري:«ذَلِكَ إشارةٌ إلى كونهم مُبشِّرين في الدَّارين» .
قوله:{وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} وههنا تمَّ الكلام، واعلم أنَّ الله لمَّا حكى عن الكُفار شبهاتهم المتقدمة، وأجاب عنها عدلُوا إلى طريقٍ آخر، وهو أنَّهُم هدَّدُوه، وخوَّفُوه بأنهم أصحاب أموالٍ وأتباع؛ فنسعى في قهرك، وفي إبطالِ أمرك، فأجاب - تعالى - عن هذا الطريق بقوله:{وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} .
فإن قيل: كيف آمنهُ من ذلك، ولم يزل خائفاً حتى هاجر، ثم بعد ذلك يخاف حالاً بعد حالٍ.
فالجواب: أنَّ الله وعدهُ بالنَّصر والظَّفر مطلقاً، والوقت ما كان معيَّناً، فهو في كُلِّ وقت كان يخاف من أن لا يكون هذا الوقتُ المعيَّنُ ذلك الوقت؛ فحينئذٍ يحصل الانكسارُ في هذا الوقت، وقوله:«قَوْلهُم» قيل: حذفت صفته؛ لفهم المعنى، إذا التقدير: ولا يحزنك قولهم