قال شهاب الدِّين: قد ذكر توجيهها الزمخشريُّ، فقال: ووجهه أن يحمل «وما يتَّبع» على الاستفهام، أي: وأيُّ شيء يتَّبع الذين تدعُونهُم شركاء من الملائكة والنبيين، يعني: أنَّهم يتَّبعُون الله - تعالى - ويطيعُونه، فما لكم لا تفعلُون مثل فعلهم؛ كقوله:{أولئك الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوسيلة أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}[الإسراء: ٥٧] .
قوله:«إن يتَّبِعُون»«إنْ» نافية، و «الظَّن» مفعولٌ به، فهو استثناءٌ مفرَّغ، ومفعولُ الظَّن محذوفٌ، تقديره: إن يتَّبعُون إلَاّ الظَّنَّ أنَّهُم شركاءُ، وعند الكوفيين: تكون «أل» عوضاً من الضمير، تقديره: إن يتَّبعُون إلَاّ ظنَّهُم أنهم شركاءُ، والأحسنُ أن لا يقدر للظَّنِّ معمولٌ؛ إذ المعنى: إن يتبعون إلا الظن، لا اليقين.
وقوله:«إن يتَّبعُون» من قرأ «يَدْعُون» بياء الغيبة، فقد جاء ب «يتَّبِعُونَ» مطابقاً له، ومن رأ «تَدْعُونَ» بالخطاب، فيكون «يتَّبِعُون» : التفاتاً؛ إذ هو خروجٌ من خطابٍ إلى غيبة، والمعنى: إن يتَّبِعُون إلَاّ ظنونهم الباطلة، {وَإِنْ هُمْ إِلَاّ يَخْرُصُونَ} : يكذبون، وقد تقدَّم في الأنعام.
قوله تعالى:{هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الليل} الآية.
لمَّا ذكر أنَّ العزة لله جميعاً، احتجَّ عليه بهذه الآية، وانظر إلى فصاحتهم، حيث حذف من كل جملةٍ ما ثبت في الأخرى؛ وذلك أنَّه ذكر علَّة جعل الليل لنا، وهي قوله:«لِتَسْكُنُوا» وحذفها من جعل النهار، وذكر صفة النَّهار، وهي قوله:«مُبْصِراً» وحذفها من الليل، لدلالة المقابل عليه، والتقدير: هو الذي جعل لكم الليل مُظْلماً لتسْكُنُوا فيه، والنهار مُبْصِراً لتتحرَّكُوا فيه لمعاشكم، فحذف «مُظْلماً» لدلالة «مُبْصِراً» عليه، وحذف «لتتحرَّكُوا» لدلالة «لتسكنوا» وهذا أفصحُ كلامٍ.
وقوله:«مُبْصِراً» أسند الإبصارَ إلى الظَّرف مجازاً كقولهم: «نهارُهُ صائم، وليله قائم ونائم» .