قوله:«أن يفْتنَهُم» أي: يصرفهم عن دينهم، وفيه ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدها: أنَّه في محلِّ جرٍّ على البدل من «فِرْعَون» ، وهو بدلُ اشتمالٍ، تقديره: على خوفٍ من فرعون فتنة، كقولك:«أعْجَبني زيد علمُهُ» .
الثاني: أنَّه في موضع نصب على المفعول به بالمصدر، أي: خوف فتنته، وإعمالُ المصدر المنوَّن كثيرٌ؛ كقوله:{أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً}[البلد: ١٤، ١٥] ، وقول الآخر:[الطويل]
٢٩٢٦ - فَلوْلَا رَجَاءُ النَّصْرِ منْكَ ورهْبَةٌ ... عِقابَك قد كانُوا لنا بالمَوارِدِ
الثالث: أنَّه منصوبٌ على المفعول من أجله بعد حذف اللام، ويجري فيها الخلافُ المشهورُ.
وقرأ الحسن، ونبيح:«يُفْتِنَهم» بضمِّ الياءِ من «أفتن» وقد تقدَّم ذلك [النساء: ١٠١] .
قوله:{وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأرض} أي: مُتكبِّر، أو ظالمٌ، أو قاهر، و «فِي الأرض» متعلِّقٌ ب «عَالٍ» ؛ كقوله:[الكامل]
٢٩٢٧ - فاعْمَدْ لِمَا تعلُو فما لك بالَّذي ... لا تَسْتطيعُ مِنَ الأمُورِ يَدَانِ
أي: لِمَا تَقْهَر، ويجوز أن يكون «فِي الأرْضِ» متعلِّقاً بمحذوف؛ لكونه صفة ل «عَالٍ» فيكون مرفوع المحلِّ، ويرجح الأول قوله:{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الأرض}[القصص: ٤] ثم قال: {وَإِنَّهُ لَمِنَ المسرفين} : المجاوزين الحدَّ؛ لأنه كان عبداً، فادَّعى الرُّبُوبيَّة، وقيل: لأنه كان كثير القتل والتعذيب لمنْ يخالفُه، والغرضُ منهُ: بيان السَّبب في كون أولئك المؤمنين خائفين.