قيل: كان موسى يدعو وهارون يُؤمِّن، فنسب الدعاء إليهما؛ لأنَّ المؤمن أيضاً داعٍ؛ لأنَّ قوله:«آمين» أي: استجب.
وقيل: المراد موسى وحده، ولكن كنًى عن الواحد بضمير الاثنين.
وقيل: لا يبعُد أن يكون كلُّ واحدٍ منهما ذكر هذا الدُّعاء؛ غاية ما في الباب أن يقال: إنَّما حَكَى هذا الدعاء عن موسى، بقوله:{وَقَالَ موسى رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً} إلَاّ أنَّ هذا لا ينافي أن يكون هارون ذكر ذلك الدعاء أيضاً.
وقرأ السلمي، والضحاك:«دَعواتُكُما» على الجمع.
وقرأ ابن السَّميفع:«قَدْ أجبتُ دعوتكما» بتاء المتكلم، وهو الباري - تعالى -، «دَعوتَكُمَا» نصب على المفعول به.
وقرأ الرِّبيع:«أجَبْتُ دعوتيكُما» بتاء المتكلم أيضاً، ودعوتيكما تثنيةٌ، وهي تدلُّ لمن قال: إنَّ هارون شارك موسى في الدُّعاء.
قوله:«فاسْتَقِيمَا» أي: على الدَّعوة والرِّسالة، وامضيا لأمري إلى أن يأتيهم العذابُ، قال ابن جريج: لبث فرعون بعد هذا الدُّعاء أربعين سنة.
«وَلَا تَتَّبِعَانِّ» : قرأ العامَّةُ بتشديد التاء والنون، وقرأ حفص بتخفيف النُّون مكسورة، مع تشديد التَّاء وتخفيفها، وللقُرَّاء في ذلك كلامٌ مضطربٌ بالنِّسبة للنَّقْلِ عنهُ.
فأمَّا قراءةُ العامَّة، ف «لا» فيها للنَّهي، ولذلك أكَّد الفعل بعدها، ويضعفُ أن تكون نافية؛ لأنَّ تأكيد المنفيِّ ضعيفٌ، ولا ضرورة بنا إلى ادِّعائه، وإن كان بعضهم قد ادَّعى ذلك في قوله:{لَاّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ}[الأنفال: ٢٥] لضرورةٍ دعتْ إلى ذلك هناك،