للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الأعمش «ويجعلُ الرجز» بالزاي دون السين، وقد تقدَّم هل هما بمعنى، أو بينهما فرقٌ؟ [الأعراف: ١٣٤] ثم قال: {عَلَى الذين لَا يَعْقِلُونَ} أي: من الله أمره ونهيه.

فصل

احتجُّوا بقوله: {وَيَجْعَلُ الرجس عَلَى الذين لَا يَعْقِلُونَ} على أنَّ خالق الكفر والإيمان هو الله تعالى، وتقريره: أنَّ الرِّجْسَ قد يراد به: العملُ القبيحُ، قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} [الأحزاب: ٣٣] والمراد من الرِّجْسٍ هنا: العملُ القبيحُ سواء كان كفراً أو معصية، وبالتَّطهير: نقل العبد من رجس الكفر، والمعصية إلى طهارة الإيمان، والطَّاعة، فلما ذكر الله تعالى فيما قبل هذه الآية أنَّ الإيمان إنَّما يحصلُ بمشيئة الله وتخليقه، ذكر بعد أنَّ الرِّجْسَ لا يحصلُ إلَاّ بتخليقه. والرِّجْسُ الذي يقابلُ الإيمان ليس إلَاّ الكفر.

وأجاب أبو علي الفارسي النحوي عنه فقال: الرِّجْسُ، يحتمل وجهين آخرين.

أحدهما: أن يكون المراد منه العذاب، فيكون المعنى: يلحق العذاب بالذين لا يعقلون، كقوله {وَيُعَذِّبَ المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات} [الفتح: ٦] . الثاني: أنَّه تعالى حكم عليهم بأنَّهم نجس، كما قال: {إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ} [التوبة: ٢٨] أي: أنَّ الطَّهارة الثابتة للمسلمين لم تحصل لهم.

وأجابُوا: أنَّ حمل الرجس على العذاب باطلٌ؛ لأنَّ الرِّجْسَ عبارة عن الفاسد المستقذر المستكره فحمل هذا اللفظ على كفرهم وجهلهم أولى من حمله على عذاب الله مع كونه حقّاً صِدْقاً صواباً. وأمَّا حمل الرِّجْسِ على حكم الله برجاستهم، فهو في غاية البعد؛ لأنَّ حكم الله تعالى بذلك صفته، فكيف يجوز أن يقال: إنَّ صفة الله رجسٌ، فثبت أنَّ دلالة الآية على الكفر ظاهرةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>