وقرأ محمد بن السَّائب الكلبي «كِتابَ مُوسَى» بالنَّصْب وفيه وجهان:
أظهرهما: أنَّهُ معطوفٌ على الهاءِ في «يَتْلوهُ» ، أي: يتلوه، ويتلو كتابَ مُوسَى، وفصل بالجارِّ بين العاطفِ والمعطوف.
والثاني: أنَّهُ منصوبٌ بإضمار فعلٍ. قال أبُو البقاء:«وقد تمَّ الكلامُ عند قوله» منهُ «و» كتابُ مُوسَى «، أي:» ويتلُو كتابَ مُوسَى «فقدَّر فعلاً مثل الملفُوظ به، وكأَنَّهُ لَمْ يَرَ الفصل بين العاطف والمعطوف، فلذلك قدَّر فعلاً» .
و «إماماً ورحمةً» منصوبان على الحالِ من «كِتابُ مُوسَى» سواءً أقرىء رفعاً أم نَصْباً.
و «أولئك» إشارةٌ إلى مَنْ كان على بيِّنة، جمع على معناها، وهذا إن أريد ب «مَنْ كَانَ» النبيُّ وصحابته - صلوات الله البر الرحيم وسلامه عليه، ورضي عن صحابته أجمعين - وإن أريد هو وحدهُ فيجوزُ أن يكون عظَّمَهُ بإشارة الجمع كقوله:[الطويل]
والهاءُ في «بِهِ» يجوزُ أن تعود على «كِتَابُ مُوسَى» وهو أقربُ مذكورِ. وقيل: بالقرآن، وقيل: بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وكذلك الهاء في «بِهِ» الثانية.
و «الأحْزَابُ» الجماعةُ التي فيها غلظةٌ، كأنَّهم لكثرتهم وصفوا بذلك، وفيه وصفُ حمار الوحش ب «حَزَابِيَة» لغلظه. والأحزابُ جمع حِزب وهو جماعة النَّاس.
فصل
قيل: في الآية حذف، والتقدير:«أفمن كان على بيَّنةٍ من ربِّهِ كمن يريدُ الحياة الدنيا وزينتها» ، أو من كان على بيِّنةٍ من ربه كمن هو في الضَّلالةِ.
والمرادُ بالذي هو عليه بيِّنةٍ: النبي - صلوات الله وسلامه عليه -. {وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ} أي: يتبعه من يشهد له بصدقه.
واختلفوا في هذا الشَّاهد: فقال ابنُ عبَّاسٍ، وعلقمة، وإبراهيم، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك وأكثرُ المفسِّرين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم -: إنَّه جبريل - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - وقال الحسنُ وقتادةُ: هو لسانُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.