الرابع: أنه إذا أصرَّ على الكُفْرِ، وتمادى فيه، منعه الله الألطاف، وفوَّضه إلى نفسه؛ فهذا شبيه بما إذا أراد إغواءهُ؛ فلهذا السَّبب حسن أن يقال: إنَّ الله أغواه، هذا جملة كلامِ المعتزلةِ في هذا البابِ، وتقدَّم الجوابُ عن أمثال هذه الكلمات، فلا فائدة في الإعادة، ثَم قال:{هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فيجازيكم بأعمالكم، وهذا نهاية الوعيد والتهديد.
قوله:{أَمْ يَقُولُونَ افتراه} اختلقه، وافتعله، يعني نوحاً - عليه الصلاة السلام - قاله ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -.
[وقال مقاتلٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: يعني محمَّداً صلوات الله البر الرحيم وسلامه عليه] والهاء ترجع إلى الوحي الذي بلغه إليهم.
{قُلْ إِنِ افتريته فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} أي: إثْمِي ووبال جرمي، والإجرامُ: كسب الذَّنب، وهذا من باب حذف المضاف؛ لأنَّ المعنى: فعليَّ عقاب إجْرامي، وفي الآية محذوفٌ آخر، وهو أنَّ المعنى: إن كنتُ افتريتُه فعليَّ عقاب جرمي، وإن كنتُ صادقاً وكذَّبْتُمونِي فعليكم عقاب ذلك التكذيب، إلَاّ أنَّه حذف هذه البقية لدلالة الكلام عليه.
قوله:«فَعَلَيَّ إجْرَامِي» : مبتدأٌ وخبرٌ، أو فعلٌ وفاعلٌ.
والجمهورُ على كسر همزة «إجْرَامِي» ، وهو مصدر أجْرَمَ، وأجْرمَ هو الفاشي، ويجوزُ «جَرَمَ» ثلاثياً وأنشدوا: [الوافر]